هناك جملة شهيرة خالدة للروائي الإنجليزي الأشهر تشارلز ديكنز، افتتح بها روايته المعروفة “قصة مدينتين”، والتي قال فيها “لقد كانت أفضل الأوقات، لقد كانت أسوأ الأوقات”، ويبدو أن السؤال الذي يستلهم من هذه العبارة هو تعريف أحوال العالم اليوم. هل العالم في أحسن أحواله أم في أسوأها؟ سؤال يبدو منطقيا في ظل تضارب الأخبار المقلقة التي تشي باضطرابات كثيرة وقلاقل منتظرة وأزمات ملتهبة متوقعة.
بينما يستعد العالم لاستقبال وقف إطلاق النار في الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، ترتفع درجات الحرارة في حروب تجارية حامية الوطيس بين الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا وكندا والمكسيك والصين بلا هوادة، جعلت أسواق المال الأميركية تنهار أياما متتالية وتلتها أسواق مالية أخرى حول العالم، لأن هناك قناعة واضحة لدى قطاع كبير من رجال الأعمال ومؤسساتهم بأن سياسات رفع التعاريف على منتجات الدول الأخرى التي تبنتها الولايات المتحدة الأميركية ستصيب الاقتصاد الدولي بأضرار بالغة وعميقة جدا، ما يعني عمليا دخول أكثر من اقتصاد في مرحلة ركود مؤلم وتبعياته على معدلات البطالة والاستثمار والنمو الاقتصادي. وهذه السياسات ستولد روحا عدائية لا تنافسية بين الدول قد تتطور لحروب عسكرية صريحة، خصوصا في ظل الحديث عن “توسيع الأراضي وضم مناطق ودول إلى أوطان بعينها”. وعلى الجانب الآخر هناك من يرى أننا نعيش في أفضل الأوقات، فترة تطور العلوم في المجالات كافة، انعكست على جودة الحياة لدى شرائح غير بسيطة من الناس. الطب تقدم وأصبح قادرا على التعامل مع أعداد هائلة من الأمراض والعلل، التقنية الحديثة باتت تقدم حلولا مذهلة لمعظم تحديات الحياة اليومية.
النقل باتت الخيارات الموجودة فيه من وحي الخيال العلمي المبهر وغير ذلك من الأمثلة العجيبة التي تؤكد أن الإنسان بات يعيش في أزهى عصور المتعة والراحة.
الإنسان بطبيعته كائن قلق ومضطرب، انعدام الطمأنينة بات جزءا من تكوينه، وعليه فإن اضطرابه الدائم تحول إلى مكون في هويته عليه أن يجاهد نفسه باستمرار ليوجه بصره وبصيرته لنصف الكوب الممتلئ والتركيز على ذلك.
كاتب وإعلامي سعودي