العدد 5936
الثلاثاء 14 يناير 2025
أوائل في تاريخ البحرين الدبلوماسي.. ومضات من مسيرة عدد من الرواد في العمل الدبلوماسي البحريني
الثلاثاء 14 يناير 2025

في الرابع عشر من يناير من كل عام، تحتفل مملكة البحرين بيوم الدبلوماسية البحرينية، وهو يوم مميز يسلط الضوء على الدور الحيوي الذي لعبه ويواصل لعبه الدبلوماسيون البحرينيون في تمثيل مصالح المملكة وتعزيز علاقاتها الدولية. ومنذ البدايات الأولى لتأسيس الدبلوماسية البحرينية المعاصرة، تميز العديد من الدبلوماسيين البارزين بإسهاماتهم الجوهرية وجهودهم الدؤوبة في بناء جسور التواصل والتعاون مع دول العالم.
في هذا المقال، نسلّط الضوء على بعض الدبلوماسيين البحرينيين من الرعيل الأول، الذين سنتعرف على مسيرتهم المهنية، ونستعرض بعض إسهاماتهم ودورهم في تعزيز مكانة البحرين على الساحة الدولية.

إنهم دبلوماسيون تحملوا على عاتقهم مسؤولية كبيرة، وأظهروا من خلال عملهم تفانيًا وإصرارًا لا مثيل لهما. لقد كان لهم دور مهم في تنفيذ سياسة البحرين الخارجية، والدفاع عن مصالحها، وخدمة رعايا البحرين في الخارج. دعونا نستعرض سير هؤلاء الرواد ونحتفي بإسهاماتهم التي لا تزال تلهم الأجيال الجديدة من الدبلوماسيين البحرينيين.

إن تاريخ البحرين الدبلوماسي حافل بأسماء قامات دبلوماسية كان لها إسهامات مميزة في مسيرة البحرين الدبلوماسية. وتشمل الإنجازات الدبلوماسية الكثيرة التي تحققت منذ أكثر من خمسة عقود تطوير وتعزيز العلاقات الخارجية للبحرين مع الدول والمنظمات الإقليمية والدولية، وتأسيس البعثات الدبلوماسية والقنصلية، والدفاع عن مصالح البحرين ورعاياها في الخارج، وغيرها من الإسهامات المميزة التي شارك فيها عدد كبير من الرعيل الأول من الدبلوماسيين البحرينيين الذين نتعرف اليوم عليهم، ونتطرّق في عجالة إلى بعض إسهاماتهم، طيلة مسيرتهم الدبلوماسية.

سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة:
لا يمكن الحديث عن الدبلوماسية البحرينية دون ذكر سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة رائد الدبلوماسية البحرينية الأول، والأب الروحي للرعيل الأول من الدبلوماسيين البحرينيين والأجيال اللاحقة من الدبلوماسيين البحرينيين. فسمو الشيخ محمد كان أول وزير للخارجية في تاريخ البحرين السياسي، إذ تولى منذ العام 1968 مسؤولية الشؤون الخارجية للبحرين من خلال رئاسة المكتب السياسي، ثم تولى رئاسة دائرة الشؤون الخارجية في العام التالي، قبل أن يعيّن في أغسطس 1971 أول وزير للخارجية في تاريخ البحرين.

لقد لعب سمو الشيخ محمد دورًا مهمًّا في نيل البحرين لاستقلالها بتاريخ 14 أغسطس 1970، حيث شارك في المفاوضات السرية التي جرت في جنيف والتي تكللت بإنشاء بعثة الأمين العام للأمم المتحدة للمساعي الحميدة، والتي توصلت إلى نتيجة مفادها رغبة شعب البحرين في الاستقلال. وخلال تلك الفترة الزمنية، قام سمو الشيخ محمد بجولات مكوكية مع بعض المسؤولين الآخرين لعدد من الدول العربية لشرح سياسة البحرين الخارجية قبل إعلان استقلالها. وقد كانت تلك أول معركة دبلوماسية خاضها سمو الشيخ محمد بن مبارك، وخرج منها منتصرًا، الأمر الذي أكد أهليته لإدارة الدبلوماسية البحرينية في مرحلة ما بعد إعلان الاستقلال. 

والإسهامات التي قدمها سمو الشيخ محمد للدبلوماسية البحرينية يصعب عرضها في مقال كهذا، ولهذا نكتفي فقط بالإشارة إلى بعض تلك الإسهامات التي شملت تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البحرين وباقي دول العالم، وتطوير تلك العلاقات على مدى أكثر من ثلاثة عقود ونصف قضاها سموه في منصب وزير الخارجية. كما تولى سموه مهمة تطوير علاقات البحرين بالمنظمات الإقليمية والدولية كجامعة الدول العربية، ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، والأمم المتحدة، وغيرها. ومن الإنجازات الأخرى التي حققتها الدبلوماسية البحرينية بقيادة سمو الشيخ محمد بن مبارك، حصول البحرين على عضوية مجلس الأمن لعامي 1998 – 1999، الأمر الذي عزّز من مكانتها على الساحة الدولية.

ولعل من أهم إسهامات سمو الشيخ محمد بن مبارك المميزة دوره في تأسيس دائرة الخارجية في العام 1969، ثم وزارة الخارجية في السنة التالية، وتأسيس البعثات الدبلوماسية والقنصلية لمملكة البحرين خلال الفترة من 1971 حتى العام 2005. كما قام سموه بتدريب وتأهيل أجيال مختلفة من الدبلوماسيين بدءًا من الجيل الأول في السبعينيات، مرورًا بالجيل الثاني في الثمانينيات، والجيل الثالث في التسعينيات، وانتهاءً ببعض أبناء جيل الألفية الثالثة الذين كان لهم الشرف في التعلم من المدرسة الدبلوماسية لسمو الشيخ محمد بن مبارك.

وقد استمر سمو الشيخ محمد بن مبارك في مهمته كوزير للخارجية حتى عام 2005، حيث عين نائبًا لرئيس الوزراء. وهو بذلك واحد من أكثر وزراء الخارجية خدمة في العمل الدبلوماسي إلى جانب صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد وزير الخارجية الكويتي (أمير دولة الكويت لاحقاً)، وصاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير خارجية المملكة العربية السعودية سابقاً، وأندريه غروميكو وزير خارجية الاتحاد السوفييتي.
وفي 16 يونيه 2022، صدر عن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، أمر ملكي رقم 19 لسنة 2022 بتعيين سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة ممثلاً خاصًّا لجلالته.

السفير تقي محمد البحارنة:
    يعتبر السيد تقي البحارنة أول سفير للبحرين لدى جمهورية مصر العربية، وأول مندوب لها لدى جامعة الدول العربية، حيث تم تعيينه في 4 سبتمبر 1971 سفيرًا بالديوان العام لوزارة الخارجية قبل صدور مرسوم أميري بتعيينه سفيرًا في القاهرة بتاريخ 14 أكتوبر 1971. كما يمكن اعتباره أول سفير أيضًا من خارج السلك الدبلوماسي، إذ إن السفير تقي البحارنة في الأساس رجل أعمال مرموق في البحرين. وعلى الرغم من كونه من خارج السلك الدبلوماسي، إلا أنه نجح نجاحا مبهرًا في المهمة الدبلوماسية التي أنيطت به وكان لها أهلًا وكفؤًا.

ومن الإنجازات التي تحسب للسيد تقي البحارنة تأسيسه لأول سفارة بحرينية، وإيجاد مقر للسفارة وسكن للسفير في وقت قياسي (شهرين)، وتعيين الموظفين المحليين للسفارة، وتمتين العلاقات مع الدول التي لها سفراء معتمدين في القاهرة. وفي هذا الخصوص يقول السفير تقي البحارنة أنّه زار 120 رئيس بعثة كانوا معتمدين في القاهرة في بداية مهمته الدبلوماسية. وقد نجح السفير البحارنة في بادئ الأمر في ضم البحرين لجامعة الدول العربية رغم تحفظ اليمن الجنوبي على ذلك. كما أنّه ساهم في تسهيل مهمة إنشاء علاقات دبلوماسية بين البحرين ودول أخرى كتركيا على سبيل المثال، كما ساهم في تأسيس علاقات تجارية مع عدد من دول أوروبا الشرقية وجمهورية الصين الشعبية التي كانت ضمن المعسكر الاشتراكي، فتم على سبيل المثال استيراد الإسمنت من رومانيا وتوريد الألمنيوم إلى الصين، رغم عدم وجود علاقات دبلوماسية مع هذه الدول.

وحسنًا فعل السفير تقي البحارنة حين قام بتوثيق خبرته الدبلوماسية في كتابه المهم الموسوم “سفير البحرين والخليج العربي في عهد الاستقلال” الصادر في العام 2016 الذي يعد مرجعًا لا غنى عنه في تاريخ البحرين الدبلوماسي.

السفير د. سلمان محمد الصفار:
يعتبر السفير الدكتور سلمان محمد إبراهيم الصفار واحدًا من أبرز سفراء الجيل الأول من دبلوماسيي البحرين، وأحد أوائل الدبلوماسيين الذين التحقوا بالعمل في دائرة الخارجية قبل تأسيس وزارة الخارجية. والسفير الصفار حائز على درجة الدكتوراه في العلاقات الدولية من جامعة السربون الفرنسية المرموقة. وقد تبوأ السفير الصفار العديد من المناصب المهمة في السلك الدبلوماسي البحريني، وأمضى نحو ثلاثة عقود من عمره المديد في خدمة الدبلوماسية البحرينية.

والسفير الدكتور سلمان الصفار هو أول من تولى إدارة الشؤون السياسية في هذه دائرة الخارجية ثم عين رئيساً لقسم الشؤون السياسية والاقتصادية في وزارة الخارجية عقب تأسيسها مباشرة. وقبل إعلان الاستقلال شارك السفير الصفار في عدد من المفاوضات ذات الصبغة الدبلوماسية، بما في ذلك مفاوضات الاتحاد التساعي، والمفاوضات مع إيران. وبعد إعلان الاستقلال، تم تعيين الدكتور سلمان الصفار أول مندوب دائمًا للبحرين لدى الأمم المتحدة في نيويورك، وهو بذلك أول دبلوماسي بحريني يتولى مهامه الدبلوماسية في الخارج كرئيس لبعثة خارجية. وخلال عمله في نيويورك شارك الدكتور سلمان الصفار في الكثير من المؤتمرات والاجتماعات الدولية، كما ترأس المجموعة العربية في الأمم المتحدة عدة مرات، لعلّ آخرها في شهر يونيه 1980.

ومن إنجازات الدبلوماسية البحرينية والسفير الصفار وزملائه في البعثة الدائمة في ذلك الوقت انتخاب البحرين ولأول مرة منذ انضمامها للأمم المتحدة لمنصب نائب رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر من العام 1975. وفي العام 1982 عين الدكتور سلمان الصفار سفيرًا للبحرين لدى الجمهورية الفرنسية قبل أن يعين في 20 أغسطس من العام 1991 سفيرًا لدى الاتحاد الروسي (بعد تفكك الاتحاد السوفياتي وافتتاح سفارة البحرين لدى موسكو)، وهو أول سفير بحريني في روسيا التي خدم فيها حتى العام 1994، قبل تقاعده من العمل الدبلوماسي في العام 2000. وقد انتقل الدكتور سلمان الصفار إلى رحمة الله تعالى يوم السبت الموافق 28 يونيه 2014 عن عمر ناهز 83 عامًا قضى جزءًا كبيرًا منها في خدمة الدبلوماسية البحرينية الثنائية ومتعددة الأطراف.

الشيخ سلمان بن دعيج آل خليفة:
يعتبر الشيخ سلمان بن دعيج آل خليفة أول سفير لدولة البحرين لدى المملكة المتحدة. وهو ثاني سفير بحريني من المعينين من خارج السلك الدبلوماسي، بعد السفير تقي البحارنة.

بدأ الشيخ سلمان بن دعيج حياته المهنية كقاض بوزارة العدل. لكنّه سرعان ما عُين سفيرًا في الديوان العام لوزارة الخارجية في أواخر العام 1971، وبعدها مباشرة عُين كأول سفير لدولة البحرين لدى المملكة المتحدة. وكان له دور بارز في تأسيس السفارة البحرينية في المملكة المتحدة.

وقد ساهم بشكل فاعل في تقريب وجهات النظر وتفعيل العلاقات الثنائية بين مملكة البحرين والمملكة المتحدة، كما كان له دور هام في تمثيل البحرين في الكثير من المحافل الدولية والدبلوماسية. وإلى جانب تمثيله للبحرين في المملكة المتحدة، كان الشيخ سلمان سفيرًا للبحرين غير مقيم لدى إسبانيا، وساهم في تطوير العلاقات البحرينية الإسبانية.

وقد انتقل الشيخ سلمان بن دعيج آل خليفة إلى رحمه الله يوم الإثنين الموافق 22 أغسطس 2005، في الولايات المتحدة الأميركية عن عمر ناهز 69 عامًا، ونعاه الديوان الملكي.

السفير سلمان عبد الوهاب الصباغ:
السفير سلمان عبد الوهاب الصباغ واحد من سفراء الجيل الأول من الدبلوماسيين البحرينيين اللامعين. وقد عمل في بداية حياته المهنية في عدة مجالات، قبل أن يلتحق بالعمل الدبلوماسي، منها العمل في سلك التعليم، ثم في القطاع التجاري والمصرفي.

انضم السفير سلمان الصباغ للعمل في وزارة الخارجية في العام 1972، حيث شارك في تأسيس قسم المحاسبة بالوزارة مستفيدًا من خبرته السابقة في هذا المجال. أمّا النقلة النوعية الأولى في مسيرة السفير سلمان الصباغ الدبلوماسية فقد كانت تعيينه في يونيه من العام 1975 رئيسًا للبعثة الدبلوماسية البحرينية لدى جمهورية العراق بلقب سفير فوق العادة مفوض، وهو بذلك أول سفير للبحرين في العراق.

وخلال فترة خدمته في بغداد عمل السفير الصباغ على الاهتمام بشؤون طلبة البحرين في العراق التي كان بها أكثر من 900 طلب وطالبة من البحرين في ذلك الوقت، كما كان يولي اهتمامًا كبيرًا برعايا البحرين من زوار العتبات المقدسة وهم كثر، وسعى كذلك لتطوير العلاقات بين البحرين والعراق في مختلف المجالات.

وبعد خدمته في العراق، عيّن السفير الصباغ سفيرًا للبحرين في بعثات دبلوماسية أخرى منها سفيرًا للبحرين لدى الجمهورية الفرنسية في العام 1979، وسفيرًا لدى المملكة المتحدة في العام 1984، وسفيرًا غير مقيم لدى مملكة إسبانيا خلال الفترة ذاتها التي عمل فيها في لندن. وأخيرًا، عيّن سفيرًا لدى جمهورية إيران الإسلامية في العام 1998، قبل تقاعده من العمل الدبلوماسي في العام 2001. وقد كان للسفير سلمان الصباغ بصمات واضحة في تطوير علاقات البحرين الخارجية بالدول التي عين سفيرًا لديها.

السفير حسين راشد الصباغ:
يعتبر السفير حسين راشد الصباغ أحد سفراء البحرين المتميزين الذين مثلوا البلاد في عدة دول وفي الكثير من المحافل، حتى بعد تقاعده. وقبل انضمامه للسلك الدبلوماسي عمل السيد حسين الصباغ في مجال التعليم مدرساً في إحدى مدارس البحرين لفترة قصيرة قبل أن يلتحق بشركة نفط البحرين (بابكو) مدرسًا للغة العربية لغير الناطقين بها. وفي العام 1974 سافر للكويت، حيث مارس التدريس في مدرسة الصديق المتوسطة ثم مدرسة كيفان المتوسطة، واستمر في التدريس حتى العام 1966.

في 1 فبراير من عام 1976 تم نقل السيد حسين الصباغ مراقب الشؤون الصحافية والثقافية بوزارة الإعلام إلى وزارة الخارجية بدرجة سكرتير أول. وأول منصب دبلوماسي تقلده السيد حسين الصباغ كان خلال الفترة من عام 1977 حتى عام 1979، حين عين قائمًا بأعمال سفارة دولة البحرين في بيروت بالجمهورية اللبنانية. وفي 16 أكتوبر من عام 1979 عُين سفيرًا لدولة البحرين لدى الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

ومن المحطات الهامة أيضًا في سيرة السيد حسين الصباغ عمله كمندوب دائم للبحرين لدى الأمم المتحدة في نيويورك في العام 1982. وفي العام 1989 تم تعيين السفير حسين الصباغ أول سفير للبحرين لدى جمهورية الصين الشعبية. وقد وثق هذه التجربة في كتابه نشره بعنوان “يوميات سفير بحريني في الصين” صادر في العام 2005، ويعمل حاليًّا على توثيق مسيرته المهنية في كتاب بعنوان “حياتي”، نتطلع إلى صدوره قريباً إن شاء الله.

وقد اختتم السفير حسين الصباغ مسيرته الدبلوماسية بتعيينه سفيرًا في تونس خلال الفترة من 1997 حتى العام 2001، حيث تقاعد من العمل الدبلوماسي بعد أن ساهم في تطوير علاقات البحرين الخارجية بالدول والمنظمات التي مثل فيها البحرين.

السفير كريم إبراهيم الشكر:
السفير كريم إبراهيم الشكر واحد من أبرز رموز الرعيل الأول المؤسس لوزارة الخارجية والعمل الدبلوماسي البحريني، وسيرته حافلة بالكثير من الإنجاز خاصة في مجال الدبلوماسية متعددة الأطراف التي أحبها كثيرًا وبرع فيها. وقد تدرج السفير كريم إبراهيم الشكر في العمل الدبلوماسي، إلى أن نال أعلى المراتب الدبلوماسية. فقد انضم إلى دائرة الخارجية في العام 1970، قبل تأسيس الوزارة بعام، حيث عين في بادئ الأمر بدرجة ملحق دبلوماسي.

العام 1982 كان عامًا فارقًا في حياة السفير كريم الشكر، حيث عُين في 14 أغسطس من هذا العام أول مندوب دائم للبحرين لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف والمنظمات الدولية في سويسرا، إذ عمل هناك حتى 21 مايو من العام 1987، حيث قام بتأسيس البعثة الدائمة في جنيف بمساندة بعض زملائه في العمل آنذاك ومنهم السفير باقر حسن الفردان. كما خدم في تلك الفترة بصفته أيضًا المندوب الدائم للبحرين لدى مكتب منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية في فيينا، ومكتب الأمم المتحدة في فيينا. وخلال فترة عمله في جنيف رأس السفير كريم الشكر مجموعة الـــ 77 في جنيف، وهي من أنشط المجموعات العاملة في الأمم المتحدة في المجال الاقتصادي على وجه الخصوص.

وقد عين السفير كريم الشكر في العام 1987 مندوبًا دائمًا للبحرين لدى الأمم المتحدة في نيويورك، فتراكمت لديه خبرات واسعة في مجال الدبلوماسية متعددة الأطراف، وصار فيما بعد المرجع الأول لوزارة الخارجية في شؤون الأمم المتحدة.

وفي العام 1990 عين السفير كريم سفيرًا لدى المملكة المتحدة، ثم سفيرًا لدى جمهورية الصين الشعبية في العام 2001. وفي العام 2009 عيّن وكيلًا لوزارة الخارجية للشؤون الدولية حتى تقاعده من العمل الدبلوماسي في العام 2015، بعد مسيرة حافلة في العمل الدبلوماسي مثل فيها البحرين خير تمثيل في مختلف الدول والمنظمات التي عمل فيها. وقد عرف السفير كريم الشكر بثقافته الواسعة، وقدرته على بناء جسور التواصل، وإقامة الصداقات سواء في الدول التي خدم فيها أو في محيطه المحلي. وهذا ما جعله منه دبلوماسيًّا لامعًا، لا يشق له غبار.

وقد انتقل السفير كريم الشكر إلى رحمة الله تعالى يوم الجمعة الموافق 21 يونيه 2023 في نيودلهي المدينة التي تلقى فيها تعليمه الجامعي عن عمر ناهز 78 عامًا قضى أكثر من نصفها في خدمة الدبلوماسية البحرينية بشقيها الثنائي والجماعي.

السفير غازي محمد القصيبي:
يعتبر السفير غازي محمد القصيبي أول من انضم للعمل الدبلوماسي البحريني، حيث التحق بفريق سمو الشيخ محمد بن مبارك الذي شكل عام 1968 الذي سمي بلجنة الشؤون السياسية، قبل أن يلتحق بهم فيما بعد موظفون آخرون منهم السيدة ليلى خلف أول سيدة بحرينية تنضم إلى وزارة الخارجية، والسفير علي المحروس، والشيخ عبد الرحمن بن فارس، والسفير إبراهيم علي إبراهيم، وآخرون.

وقد عين السفير غازي محمد القصيبي في بداية مسيرته الدبلوماسية بدرجة ملحق دبلوماسي، ثم سكرتير ثالث. وخضع في البداية لتدريب دبلوماسي خارج البحرين، إذ تم ابتعاثه عام 1970 للتدرب على العمل الدبلوماسي والقنصلي في سفارة المملكة العربية السعودية في لندن. وفي العام 1971 كان ضمن أول وفد بحريني رسمي يشارك في إحدى دورات الجمعية العامة للأمم المتحدة وهي الدورة السادسة والعشرين. وفي العام 1974 أصبح قائمًا بالأعمال بالوكالة لإدارة المراسم ثم مديرًا للمراسم حتى العام 1980.

وفي العام 1993 تم تعيين السفير غازي محمد القصيبي في منصب وكيل وزارة الخارجية، وهو أول وكيل لوزارة الخارجية في البحرين، وأصبح بذلك الرجل الثاني في الوزارة. وقد بقي في هذا المنصب حتى تقاعده في العام 2000، بعد أكثر من ثلاثة عقود حافلة بالكثير من الإنجازات في مجال العمل الدبلوماسي البحريني.

السفير عبد العزيز عبد الرحمن بوعلي:
يعتبر السيد عبد العزيز عبد الرحمن بوعلي واحدًا من الرعيل الأول من الدبلوماسيين البحرينيين الذين انضموا إلى وزارة الخارجية في أيامها الأولى. وقد خدم في عدد من البعثات الدبلوماسية، فكان أول سفير للبحرين لدى إيران خلال الفترة من العام 1972 حتى العام 1976. وفي العام 1976 تم تعيينه أول سفير للبحرين لدى الولايات المتحدة الأميركية، حيث بقي في هذا المنصب حتى العام 1984. كما عين السفير عبد العزيز بوعلي سفيرًا لدى دولة الكويت خلال الفترة من 1984 حتى العام 1988، كما عين سفيرًا لدى الجمهورية الفرنسية خلال الفترة من 1988 حتى العام 1991.

وفي العام 1994 خاض السيد عبد العزيز بوعلي تجربة دبلوماسية مختلفة، إذ تم تعيينه أمينًا عامًّا مساعدًا لمجلس التعاون الخليجي للشؤون السياسية، وبقي في هذا المنصب حتى العام 1996. وفي أغسطس 1997 تم تعيين السفير عبد الرحمن بوعلي سفيرًا للبحرين لدى الجمهورية العربية السورية، حيث مكث في هذا المنصب حتى 24 يوليه من العام 2001، إذ نقل بعدها إلى الديوان العام لوزارة الخارجية. وقد كانت تلك آخر مهمة دبلوماسية للسفير عبد العزيز بوعلي، فقد تقاعد بعدها من العمل الدبلوماسي، بعد خدمة دامت نحو ثلاثة عقود.

السفير عيسى محمد الجامع:
يعد السفير عيسى محمد الجامع واحدًا من الرعيل الأول من الدبلوماسيين البحرينيين الذين انضموا للعمل الدبلوماسي في أيامه الأولى. وقد تولى السفير عيسى الجامع عددًا من المناصب الدبلوماسية منها تعيينه قنصلًا عامًّا لدولة البحرين في كراتشي بجمهورية باكستان الإسلامية خلال الفترة من عام 1978 حتى عام 1980. وفي أكتوبر من عام 1984 تم تعيينه سفيرًا لدولة البحرين لدى المملكة العربية السعودية، حيث بقي في هذا المنصب لمدة أربع سنوات. وفي أكتوبر من عام 1988 عُين السفير عيسى الجامع سفيرًا فوق العادة مفوض لدى دولة الكويت.

وقد عاصر الغزو العراقي لدولة الكويت واحتلالها خلال الفترة من 2 أغسطس 1990 حتى 26 فبراير 1991. وقد لعب السفير عيسى الجامع خلال هذه الفترة دورًا هامًّا في الدفاع عن الجالية البحرينية في دولة الكويت وحماية مصالحها، حيث عمل على إجلاء المواطنين البحرينيين من طلبة ومقيمين في الكويت، وأمّن لهم عودة سالمة إلى أرض الوطن.

وقد عين السفير عيسى الجامع عقب عودته من الكويت أول سفير لدى دولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك في 27 أكتوبر 1992، وبقي في دولة الإمارات العربية المتحدة حتى 2 يناير من العام 2000، حيث صدر قرار بنقله إلى الديوان العام لوزارة الخارجية. وفي العام ذاته، صدر مرسوم بتعيينه أول سفير للبحرين لدى دولة قطر، قبل أن يوافيه الأجل المحتوم وهو على رأس عمله إثر نوبة قلبية في العام 2001.

أوائل آخرون:
يصعب علينا حصر الأوائل في تاريخ البحرين الدبلوماسي في مقال واحد، إذ إن هناك دبلوماسيون آخرون كانوا من الأوائل أيضًا تركوا بصمات مميزة في تاريخ الدبلوماسية البحرينية، منهم على سبيل المثال السفير إبراهيم علي إبراهيم الذي يعد من أوائل من انضم للعمل الدبلوماسي البحريني بعد تأسيس دائرة الخارجية في العام 1969 والذي كان أيضًا أول قنصل عام للبحرين في كراتشي بجمهورية باكستان الإسلامية في الفترة من العام 1974 حتى العام 1979. وقد خدم السفير إبراهيم علي إبراهيم في عدة مواقع دبلوماسية أخرى منها سفير البحرين لدى المملكة العربية السعودية في الفترة من العام 1984 حتى العام 1986، وسفيرًا لدى المملكة الأردنية الهاشمية في الفترة من العام 1986 حتى العام 1991.

وهناك كذلك السيد محمد حسن كمال الدين المؤرخ والدبلوماسي والأديب البحريني الذي كان أول قنصل عام للبحرين في بومبي (مومباي حاليا) خلال الفترة من 1974 حتى العام 1980.

     وهناك أيضًا الدكتور علي عبد الله الدوي الحاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة السوربون الفرنسية المرموقة في العام 1975 في تخصص التاريخ والذي كان أول قنصل عام للبحرين في مونتريال بكندا خلال الفترة من عام 1981 حتى العام 1984. كما أنه عين قنصلًا عامًّا للبحرين في بومبي خلال الفترة من العام 1984 حتى العام 1986.

ومن الأوائل كذلك في تاريخ البحرين الدبلوماسي السيد عادل بوخوة الذي كان أول قنصل عام للبحرين في دالاس بالولايات المتحدة الأميركية خلال الفترة من 1984 حتى العام 1988.

كان ذلك عرض سريع لسير وإسهامات بعض الدبلوماسيين البحرينيين من جيل الرواد الأوائل الذي كان لهم دور في خدمة الدبلوماسية البحرينية في المواقع الدبلوماسية والقنصلية المختلفة التي تولوها خلال مسيرتهم الدبلوماسية، فتركو بصمات واضحة في تاريخ البحرين الدبلوماسي.

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .