سوريا قلب بلاد الشام، وقلب الهلال الخصيب، بلد عريق وعمقه التاريخي والحضاري بعمر الزمن.. حلب ودمشق تتنافسان على لقب أقدم مدينة مأهولة بالسكان في تاريخ البشر. بها تاريخ فريد وخليط عجيب من التعايش بين الأديان والثقافات والمذاهب والطوائف. بها قرى لا يزال أهلها يتحدثون باللغة الأرامية لغة السيد المسيح عليه السلام، بها أقدم دير مسيحي في العالم، بها نسخة مشفرة خاصة من العهد القديم يعرفها اليهود باسم شفرة حلب، ميناؤها الأهم والأقدم اللاذقية يعود تاريخه للعهد الفينيقي، ومنها انطلقت أول أبجدية عرفها البشر. دمشق فيها المسجد الأموي أحد أعرق المساجد في العالم، وفي حلب ودمشق أقيمت أقدم الأسواق المغلقة، سوق المدينة وسوق الحميدية.
مرت على سوريا موجات من الهجرات إليها فوصلها العرب والعجم والأتراك والأرمن والإيطاليون والفرنسيون والأكراد واليونانيون والشركس وغيرهم، واستوطنوها وصاروا جزءا أساسيا ومكونا عميقا من التركيبة السورية، وظهر ذلك بوضوح في النسيج الوطني بشكل عام. منها خرجت هجرات عظيمة إلى كل أصقاع الأرض وشهدت بلدان عديدة جدا نجاحات هائلة للسوريين في مجالات الطب والهندسة والتجارة والقانون والفنون والرياضة والتعليم وغيرها. سوريا بلد استثنائي، مميز بأهله ومفكريه، بلد زراعي بامتياز لديه القدرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي الكامل من الاحتياجات الغذائية، وهذا ما جعل المطبخ السوري يكون لنفسه سمعة شبه أسطورية وعابرة للقارات. دمشق التي بها جبل قاسيون وبها غوطة الشام وبها نهر بردى هي أيضا بلاد الياسمين والزنبق والفل والورد والمشمش والكرز.
سوريا بلد جميل بطبيعة خلابة ساحرة في مناطق صلنفة وكسب وبلد مبهر بتنوع أهله وعاداتهم وتراثهم.
دمشق، حلب، حمص، حماه، اللاذقية، دير الزور، درعا، القامشلي، طرطوس، الزبداني، هي احجار كريمة في العقد السوري النفيس.
هذا البلد الجميل وشعبه الأصيل، حان أوان نفض الغبار عنه وإطلاق أحلامه والتطلع إلى غد جميل مستحق. “يا مال الشام... طال المطال.. طال وطول.. مشتاق لك يا نور عيوني”.