العدد 5808
الأحد 08 سبتمبر 2024
احترام الحضارات
الأحد 08 سبتمبر 2024

لا يمكن القضاء على التباين الكبير بين الحضارات والثقافات، وبالتالي وجود فرضية تتبنى إمكانية إقصاء أو إلغاء أو حتى تهميش واحدة لأخرى هو ضرب من الخيال ونسيج من الأوهام، وكانت حوارات الحضارات التي انتشرت كثيرا في العقود الأخيرة تدعو لاحترام الحضارات والثقافات، لأن هذا هو الهدف المطلوب والغاية المنشودة.
احترام الثقافات والحضارات يفرض على الأطراف القبول والتسامح والتعايش دون نظرة دونية أو اعتقاد متعال أو تعامل فوقي، وهو أيضا لا يقسم العالم إلى قسمين: متطور ومتحضر، وراق وآخر عكس ذلك. علمتنا أحداث التاريخ المختلفة ومدارسه القيمة أن محاولة إلغاء الآخر والهيمنة عليه مسألة مؤقتة النجاح وقصيرة الفعالية، وسقوط وفلول الامبراطوريات ومستعمراتها حول العالم ما هو إلا دليل صارخ على ذلك. وطرح فوقية حضارة على أخرى كان أهم من حذر منه وأشار إلى خطورته الكاتب والمفكر الكبير إدوارد سعيد في كتابه المهم “الاستشراق”، وهذا التحذير تحققت مخاوفه لاحقا في أطروحة الكاتب الأميركي صاموئيل هاننجتون في كتابه الشهير والمثير للجدل “صدام الحضارات”، والذي تحول إلى مصدر إلهام للمتطرفين من زمرة المحافظين الجدد التي تبنت نهجا عدائيا صريحا بمفهوم تصادمي رفعت فيه وبشكل عملي شعار “إن لم تكن معنا فأنت ضدنا”.
مع شعارات العولمة التي تم رفعها وفتح المجال أمام حرية الحركة بين الأفراد حول العالم وحرية تبادل الأفكار وحرية استثمار الأموال تحول العالم بالتدريج إلى قرية صغيرة فيها الكثير من المشتركات، والتي تجبرنا بالتالي على احترام الفروقات بينهم. احترام الحضارات والثقافات الوسيلة الأمثل لتحقيق التعايش بقبول وتسامح.

*كاتب وإعلامي سعودي

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .