غداة إعلان جلالة الملك المعظم عن مشروعه الإصلاحي مطلع العقد الأول من قرننا، كتبت مقالاً أعربت فيه عن الحاجة لجعل الاحتفال بيوم العمال العالمي في الأول من مايو سنويا إجازة رسمية، تُعطل خلاله الوزارات ومؤسسات القطاعين العام والخاص على السواء، وقد كان مدعاة للسرور أن أُقرت هذه الإجازة لاحقاً بشكل رسمي، تجاوباً من قِبل جلالته مع رغبة العمال ومؤسستهم النقابية حينئذ. وبعد سنوات قليلة من هذا المكسب العمالي الثمين تحقق مكسب جديد آخر بقرار حظر العمل لمدة ساعتين وقت الظهيرة خلال شهري يوليو وأغسطس، لاسيما العاملون في أعمال الإنشاءات والطرق وخلافها، وتتجلى أهمية هذا المكسب العمالي إذا ما تذكرنا بأن عمال بلادنا ظلوا لعقود طويلة يعملون تحت أشعة الشمس الحارقة في أشد شهور الصيف حرارة دون حماية تشريعية تحظر عملهم في ساعات الظهيرة. كما تناولت في سياق مقال آخر، أهمية تمديد وقف العمل في ساعات الظهيرة إلى ثلاثة شهور بدلاً من شهرين فقط، وكم كان مدعاة للفرح أن صدر من قِبل مجلس الوزراء الموقر في الأسبوع الماضي توجيه بتمديد حظر العمل وقت الظهيرة ليكون ثلاثة شهور من 15 يونيو إلى 15 سبتمبر، بدءاً من العام القادم 2025، وهو قرار يستحق عليه مجلس الوزراء الشكر والتقدير.
في دولة الإمارات الشقيقة التي تتشارك معنا نفس الطقس، خلال شهور الصيف الأشد حرارة، أُعلن في دبي خلال الشهر الفائت إطلاق مبادرة تجريبية تحت عنوان “صيفنا مرن”، ترمي إلى تقليل ساعات العمل في المؤسسات الحكومية إلى سبع ساعات، بدءاً من 12 أغسطس حتى 30 سبتمبر؛ بغية تحسين بيئة العمل ورفع الإنتاجية الفعلية للموظف لا الشكلية. وعلى خطى الاقتداء بالمبادرة الإماراتية، فإننا نرى - كخطوة أولى على الأقل - أنه آن الأوان لإلغاء الربع ساعة الأخيرة من الدوام الرسمي، ليكون للساعة الثانية تماماً، بدلاً من الثانية والربع بعد الظهر، وإلغاؤها لن يؤثر على قياس الإنتاجية بمفهومها الكيفي الصحيح، لا بمفهومها الكمي الشكلي.
(انظر في هذا الصدد مثلاً في المفهوم العلمي للإنتاجية في مقال زميلنا الخبير الإداري الأستاذ أحمد البحر بعنوان “هل غادر المدير مكتبه” بتاريخ 2 سبتمبر الجاري).