إن المراد من منح احتكار لمشروع حكومي سواء أكان شركة أم هيئة أم مرفقا عاما اقتصاديا لتحقيق غاية مالية هو زيادة أرباح المشروعات، ومن المنطقي أن تحقيق هذه الغاية يتطلب أن تقوم هذه المشروعات باستغلال ما مكن لها من انفراد بالسوق، فتبيع منتجاتها بأعلى من سعر التكلفة.
وقد اختلف الفقه القانوني المالي بشأن طبيعة الزيادة في أثمان منتجات المشروعات الحكومية عن تكلفة الإنتاج في ظل احتكارها للسوق، إلى اتجاهين:
الاتجاه الأول: يميل أصحاب هذا الاتجاه أو الرأي إلى أن الزيادة على تكلفة المنتجات المباعة (سلع، خدمات) في ظل الاحتكار المالي ما هي إلا ضريبة مستترة (مقنعة)، ووفقا لهذا الاتجاه فقد كان من الواجب التزاما بالدستور وبسيادة القانون أن تكون هذه الزيادة بقانون كونها تعد ضريبة، لأن الضرائب لا تجوز إلا بقانون، وقد سمى بعض الفقه هذا الاحتكار بالاحتكار الضريبي، لأنه يستهدف أساسا تحصيل هذه الضريبة.
الاتجاه الثاني: ويرى أنصار هذا الاتجاه أن الزيادة في أثمان منتجات المشروعات العامة الصناعية والتجارية المملوكة للدولة هي تطبيق عادي لنظرية الثمن، فالاحتكار ما كان إلا لتحقيق مزيد من الأرباح، ولذلك يغلب على هذا النوع من الاحتكارات أن تتم وتمنح في قطاعات وأنشطة تقدم منتجات ذات طلب غير مرن، بمعنى أنه كلما زاد سعر المنتج فإن الإقبال عليه لا يتوقف.
وأضافوا أن من المنطقي أن المشروع الخاص - سواء أكان حكوميا أم مملوكا للقطاع الخاص - لو حظي بوضع احتكاري وهيمنة على السوق فإنه سيبيع منتجاته بأعلى من سعر التكلفة مستغلا وضعه المهيمن وسيطرته التامة ليحقق أعلى ربحية ممكنة.
ونميل للرأي الثاني مع اعتقادنا بأهمية ألا تكون زيادة ونماء أرباح المشروعات مبنية على عوامل خارجية كتدخل الدولة بمنح احتكار، بل من خلال حسن إدارة هذه المشروعات بحيث تتمكن من خفض تكاليفها وزيادة إنتاجيتها بحيث تضحى الأرباح متحققة كنتيجة عملية وواقعية تعكس جهود القائمين والعاملين في هذه المشروعات.