العدد 5759
الأحد 21 يوليو 2024
banner
أميركا في الطريق إلى المشكلة
الأحد 21 يوليو 2024

ليس غير الصدفة المدعومة بالعناية الإلهية، من أنقذ المرشح الأميركي الجمهوري دونالد ترامب من الموت المحقق على منصته الانتخابية وأمام مناصريه وعدسات الكاميرا وأعين العالم. هي بضعة ملليمترات دفعت الرصاصة القاتلة بعيدا عن رأسه، لتخدش حافة أذنه وتنقذه من موت محتم، لكن الولايات المتحدة التي نجت من جريمة مروعة، ما من أحد قادر على تقدير إلى أين تتجه نتيجة السباق الرئاسي الحالي.
وهي من دون شك في خيار بين مأزقين، إذا ما استمر الرئيس الحالي جو بايدن فأميركا أمام مأزق ترئيس رجل يبدو حتى الآن متهالكا ذهنيا وإدراكيا بالرغم من الحديث عن قرب انسحابه. لا يضير أميركا أن يكون رئيسها مصابا بعاهة ما، فقد سبق أن انتخب الشعب الأميركي أربع مرات الرئيس فرنكلين روزفلت المُقعد على كرسي متحرك بسبب شلل. لكن ما يضير أميركا والعالم معها أن يكون الرئيس غير مكتمل النباهة والوعي والإدراك والقدرة الذهنية والجسدية على المتابعة والتقدير واتخاذ القرار. صحيح أن المؤسسات في الولايات المتحدة تلعب دورا كبيرا في مساعدة الرئيس على المتابعة واتخاذ القرارات، لكن الصحيح أن الرئيس الأميركي في النهاية له دور كبير بفعل تركيبة النظام والحكم. في المحصلة، أميركا أمام مشكلة عويصة إذا ما استمر بايدن في الترشح أو إذا انسحب من السباق، وإذا ما استمر وفاز بالرئاسة فستكون سنواته المقبلة صعبة ومعقدة ومدار ترقب العالم على مختلف الجبهات.
المشكلة المقبلة نفسها، لن تكون خفيفة الوقع إذا ما نجح دونالد ترامب، بل ستكون أكثر تعقيدا، وبما أن ترامب أثبت تقلبه السريع وغير المتوقع، فما من أحد قادر على توقعه أو ضبطه وضبط تصرفه تجاه القضايا المطروحة في العالم وفي الداخل الأميركي. إذا ما عاد ترامب ما من أحد قادر على توقع تصرفاته الانتقامية من المؤسسات أو الأشخاص الذين تصدوا له وناصروه العداء أو المعارضة. 

لم تثبت التجربة أنه رجل متسامح أو سكوت، بمعنى لم يبرهن أنه يتسامح مع من عارضه أو وقف في مواجهة تصرفاته.
لهذه الأسباب، فإن أميركا في حال عاد ترامب أمام مشكلة في كل ملف داخلي، وهي ستقف دائما على رجل واحدة لترقب أفعاله وتصرفاته وقراراته، خصوصا أن نجاحه في العودة إلى الرئاسة بعد نجاته من محاولة الاغتيال، أضف على الأمر مسحة غيبية زودته أو ستزوده بشحنة داعمة ومولدة للطاقة والإصرار، وربما سيحولها إلى مسألة محاطة بالقداسة والقدرات المجهولة ومحاطة بالخرافة والتوقعات الخارقة! وهو بدأ بالقول من دون تردد إن الله معي. 
إذا فاز ترامب ستكون أميركا على مواعيد يومية، وأمام مفاجأة كل يوم وكل لحظة، وإذا ما فاز بايدن فأميركا ستسير معه بتؤدة، مخافة أن يرتبك في مشيته ويذهب كل يوم إلى المطبخ بدل الحمام، أو إلى غرفة الطعام بدل قاعة الاجتماعات أو المكتب البيضاوي.
المشكلة واقعة لا محالة! والعالم في انتظار التطورات في أميركا التي تقف الآن في موقع متقدم في قيادة العالم.

كاتب وأستاذ جامعي من لبنان

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .