لم أسمع في حياتي أبدا تبني أحد من السادة النواب تنظيم مهرجان للإبداع يجمع المفكرين والأدباء والفنانين، ويوفر لهم فرصة الاحتكاك وتبادل الرأي والحوار الخلاق، ومناقشة حرة لكل ما يشغلهم من مشاغل وآمال، فالجميع يعرف أهمية وقيمة مثل هذه المهرجانات والغرض من إقامتها، وحسب ما أعرف يجتهد النواب في الكثير من الدول العربية وحتى الأجنبية في دعم الإبداع والثقافة، ويولونها الاهتمام كبقية مرافق الحياة، وليس من باب المصادفة أن تتسع دائرة المبدعين وتزداد شمولا بل وتصبح دائرة بمعنى الكلمة في تلك المجتمعات التي يحتضن فيها نواب الشعب المثقفين كتيار قوي يتدفق بحيوية في جسد الأمة، ويساهمون في تنشيط كل مظاهر الإبداع.
ولا نائبا سمعنا أنه بذل جهدا وطالب بحماية حق الأديب والفنان، أو طالب بخلق المناخ اللازم والضروري للإبداع الفني، أو قام بواجب الحفاوة أو التنظيم أو حتى على الأقل مساعدة أديب في طباعة كتاب أو مساعدة شاب متعلق بالسينما في تمويل وإنتاج فيلمه القصير الذي قد لا تتعدى ميزانيته 200 دينار وربما أقل.
والسؤال الآن هو.. هل يرجع ذلك إلى الاغتراب العميق الذي يعيشه النواب عن واقعنا الثقافي وعدم إيمانهم بمصباح المعارف والفكر. ما سبب هذه القطيعة المستمرة من قبل النواب مع صاحب الكلمة والموسيقيين والأدباء والفنانين التشكيليين والسينمائيين وغيرهم. لا نريد منهم “زينة الحضور” وتوزيع الابتسامات مثل حروف الهزيمة في المناسبات والفعاليات الثقافية التي يحضرونها كمجاملة ذابلة، بل المجتمع يطلب منهم أكثر من ذلك ويطالبهم بالخروج من الهوامش المظلمة والفتور والركود، إلى دوائر بقعة الضوء التي تكشف اهتمامهم بشريحة كبيرة من الشعب وهم الأدباء والفنانون المغيبون والمنسيون تماما عندهم.
لماذا يقطع السادة النواب ما بينهم من صلات مع الأدباء والفنانين بعد الفوز بالمقعد، وأتحدى بالعبارة القاطعة أي نائب يطلعنا على ملف متكامل لدعم الأدباء والفنانين وتنظيم المهرجانات الإبداعية.
* كاتب بحريني