العمل الصحافي في حياتنا جزء لا ينفصل عن هذه الحياة، فهي تمدنا بالخامة البكر، ونحن نمدها بالمعاناة والفكر، والنتيجة هي هذه الوحدة العميقة والأصيلة بين الكاتب وأدبه، والكتاب والصحافيون هم أكثر من يعاني من وطأة الضغط الاجتماعي، ويجالدون المصاعب ويتغلبون عليها، ويكافحون بالقلم حتى لو ابتلعهم نهر الهموم والمشاكل، وأكثر ما يزعجهم “الثرثارون والمستهزئون” في وسائل التواصل الاجتماعي بجملتهم العفنة الفارغة “أنت تعيش في برج عاجي”.
أقول لهؤلاء بكل توازن وانسجام.. إن كنتم تعتقدون أنني أعيش في برج عاجي، فتعالوا أو انظروا في أي برج عاجي أنا أعيش، في برج من الوحل، أغوص في الطين كل يوم، بينما غيري يكتب عن مشاكل الناس وهو جالس مثلا وراء مكيف أو مدفأة. إن الجهد الضخم الذي أبذله في كتابة العمود اليومي يحتاج إلى قدر هائل من الصبر، وفي كل يوم يدخل صراعي مع الأفكار مرحلة درامية جديدة أشبه بالمشهد على الطريقة السينمائية، وإن كنت أعيش في البرج العاجي كما تدعون لما كتبت عن قصص المواطنين الكثيرة والأنين الكبير الذي أسمعه من “عاطل، أو مطلقة، أو مواطن عنده حاجة في دائرة حكومية، أو عن شارع، أو أو أو”.
الفرق بيننا وبينكم، أنكم تثرثرون بعيدا عن الحق والحقيقة، إلى درجة أنكم لا تميزون بين الجهات الأربع، بينما نحن معشر الكتاب نكره التفاهة والأشياء العادية والخبث، ونتألق في جوهرنا الإنساني بتناول قضايا وهموم الشارع في كل حياتنا. الكتابة عندنا ليست طريقا للشهرة أو الترف.. بل إنها كفاح ومسؤولية وتسليط الضوء على مشاكل الناس وتنويرهم في السلوك والتفكير والشكل. اخترنا طريق الأشواك بحس وطني تحت شعار الصحافة مسؤولية.
* كاتب بحريني