العدد 5645
الجمعة 29 مارس 2024
banner
فرص ومخاطر النفايات الإلكترونية بالخليج
الجمعة 29 مارس 2024

نوكيا 6110...لابد وأن هذا الاسم يثير لدى كثيرين منا نوعا من النوستالجيا الآن، لا يدركها الجيل الجديد من حملة أحدث الأجهزة النقالة.
أما أنا، فأتذكر بمزيد من الحنين ذلك الجهاز، العجيب وقتها ـ مطلع الألفية الجديدة ـ إذ كان أول جهاز نقال امتلكته، وكتبت في ذاكرته رسالة ـ ساذجة جدا ـ لمن سيقع في يديه بعدي بعد عقود: أن يتذكرني باعتباري أول من أمتلكت ما يملكه، والذي لا بد وأن قيمته ستكون كالذهب وقتها، كما اعتقدت.
ورغم امتلاكي لعشرات الأجهزة النقالة الأحدث من بعده، إلا أنني ظللت أحتفظ بالجهاز باعتباره تحفة سيتوارثها أحفادي قائلين: هذا كنز من رائحة جدنا.
لا أدري أين تلك القطعة الثمينة الآن، فقد فقدتها في تنقلاتي المستمرة بين المساكن، وربما انفجرت بطاريته لاحقا في يد أحدهم لتقادمها، كما جرى للعديد من الأجهزة التي تقادمت وتحولت لنفايات لا سبيل لتصريفها إلا بثمن فادح، ومخاطر جمة. وكلما ازدادت المجتمعات وفرة، تضاعف معدل استبدال الهواتف المحمولة الجديدة بالقديمة، لذا تحل دول الخليج العربي على رأس الدول التي لديها كمية هائلة من النفايات الإلكترونية.
وحذر تقرير حديث صادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات ومعهد الأمم المتحدة للبحث والتدريب من مخاطر متزايدة يفرضها تراكم النفايات الإلكترونية على صحة الإنسان والبيئة، بينما يهدد الطموحات الرقمية للأجيال القادمة.
وكشف التقرير أن حجم النفايات الإلكترونية المتولد حتى آخر إحصائيات رسمية في عام 2022 بلغ 62 مليون طن، أي ما يعادل وزن 107 آلاف طائرة من أكبر طائرات الركاب في العالم، بما يكفي لملء 1.55 مليون شاحنة بوزن 40 طنا. 
ويُقدر أن هذا الحجم يكفي لتشكيل طابور متواصل من النفايات يمتد من نيويورك إلى أثينا ومن نيروبي إلى هانوي، وهو ما يكفي أيضا لطابور من الشاحنات يشكل خطا يحيط بخط الاستواء تقريبا.

وتُشكل الأجهزة الصغيرة (مثل الألعاب وأفران الميكروويف والمكانس الكهربائية والسجائر الإلكترونية) حوالي 33 % من النفايات الإلكترونية، فيما تُشكل معدات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الصغيرة (مثل أجهزة الكمبيوتر المحمولة والهواتف المحمولة وأجهزة تحديد المواقع وأجهزة التوجيه) حوالي 7 % من النفايات الإلكترونية.
ويعاد تدوير 12 % فقط من النفايات الإلكترونية من فئة الأجهزة الصغيرة، فيما يُعاد تدوير 22 % فقط من النفايات الإلكترونية من فئة معدات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الصغيرة.
ويهدر العالم حاليًا نحو 91 مليار دولار في معادن ثمينة بسبب عدم كفاية إعادة تدوير النفايات الإلكترونية، بما فيها نحو 19 مليار دولار من النحاس و15 مليار دولار من الذهب و16 مليار دولار من الحديد، ويرجع ذلك إلى عدم كفاية إعادة تدوير النفايات الإلكترونية، مما يؤدي إلى فقدان موارد طبيعية قيّمة.
وتشكل النفايات الإلكترونية خطرا على صحة الإنسان والبيئة، حيث تحتوي على مواد سامة مثل الزئبق والتي يمكن أن تلحق الضرر بالدماغ البشري، كما أن عدم التخلص السليم من هذه النفايات يُسبب تلوثًا للتربة والمياه.
وتوقع التقرير أن يزداد حجم النفايات الإلكترونية سنويًا بمقدار 2.6 مليون طن، ليصل إلى 82 مليون طن بحلول عام 2030. كما توقع أن ينخفض معدل جمع وإعادة التدوير الموثق من 22.3 % في عام 2022 إلى 20 % بحلول عام 2030.
ودعا التقرير إلى اغتنام الفوائد الاقتصادية والبيئية للإدارة السليمة للنفايات الإلكترونية، من خلال رفع معدلات جمعها وإعادة تدويرها إلى 60 % بحلول عام 2030.
 كما شدد على ضرورة التعاون الدولي لمعالجة هذه المشكلة المتزايدة، فهناك فرص واعدة نظراً لما تحتويه النفايات الإلكترونية من مواد قابلة لإعادة التدوير، مثل المعادن النادرة، التي يمكن استخدامها في تصنيع منتجات جديدة.
ولدى دول الخليج فرصة كبرى يجب عليها اغتنامها في قضية النفايات، حيث تحل على رأس الدول الأكثر استهلاكا للأجهزة الحديثة، مع معدلات مرتفعة للاستبدال والتدوير.
ومن ثم، هناك حاجة لسن قوانين وتشريعات تُنظم عملية جمع وإعادة تدوير النفايات الإلكترونية، مع توعية المجتمع بمخاطر النفايات الإلكترونية وأهمية إعادة تدويرها، ودعم الشركات الناشئة العاملة في مجال إعادة تدوير النفايات الإلكترونية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .