العدد 5645
الجمعة 29 مارس 2024
banner
في ذكرى استشهاد الإمام علي "عليه السلام"
الجمعة 29 مارس 2024


في فجر السابع عشر من شهر رمضان المبارك أصيب الإمام علي "عليه السلام" باعتداءٍ غادر، أدى إلى استشهاده في يوم 21 بأفضل الشهور. لقد تربى الإمام علي في حضن النبوة، وحمل لواءها على كتفه وعاش لتحقيق أهدافها، وحمل لواء الإسلام تقيًا ومقاتلًا حتى لقي ربه شهيدًا. وآمن بمبادئ الإسلام والعِلم والعمل وعاش بالخُلق الإنسانية، يمشي واثق الخطوة، جاعلًا النبوة ومبادئ الإسلام مرجعيته، مدافعًا عنها، مخلصًا لها، أمينًا لها، لا يُفرق بين المسلم وغيره من البشر الذين هُم كأسنان المشط لديه ليعيشوا جميعًا في كنف الدولة الراشدة بالحرية والكرامة والعيش بسلام.
كانت حياته نقطة التقاء أبناء مجتمعه بفئاتهم، كان وزيرًا وناصحًا ومرشدًا لمن سبقه، إيمانًا منه بحفظ الأمانة، وتغليب مصلحة الأمة، وكان سندًا للحق صادًا للباطل، ساعيًا نحو تحقيق العدالة. كُتبت عنه المئات من المؤلفات والدراسات والبحوث والمقالات، عن حياته وخلافته، مواقفه وبطولاته، ولم يختلف أحد على نسبه وإسلامه، وشجاعته وقوة حجته، وصواب مشورته وعبقرية رأيه، لم يُشكك أحد بأنه أول رجل دخل الإسلام، وهو الذي نام في فراش سيد المرسلين ليفديه ليلة الهجرة. لقد اجتمعت فيه الهداية والحِكمة والمعرفة، والشجاعة والجرأة والقوة الجسدية وآداب الفروسية، والنخوة والشرف والحق، والسلام والحرب. فكان يلتزم بالحُكم الشرعي في كُلِ فعلٍ وقول. كان الإمام "عليه السلام" إمامًا للمسلمين، ورجل دولة وعِلم ومعرفة، وإدارة واقتصاد وسياسة، وجمع بين حاجات الدنيا ومتطلبات الآخرة، وحدد ركائز العلوم المختلفة كعلم النفس والاقتصاد والسياسة، وعِلم اتخاذ القرارات وإدارة الأزمات والمفاوضات. ووضع عِلم التفاوض قبل "روجر فيشر"، وأرسى أسس ومبادئ السيادة قبل أن يُحددها "جان بودان" في كتبه الجمهورية الستة بألف عام. وأسس نظرية الحق والدولة قبل "توماس هوبز" في كتابه "ليثان" بمئات السنين، وأسس الواقعية السياسية قبل مئات السنين مما أوردهُ "ميكافيلي" في كتابه "الأمير"، وقد التزم "عليه السلام" بمعايير الخير وما يجب أن يكون وبالأخلاق والفضيلة التي حددها الإسلام قبل "يوتوبيا ــ توماس مور"، وقبل "المدينة الفاضلة" أيضًا بمئات السنين. كما سبق "جان لوك ــ العقد الاجتماعي" و"يونتسيكيو" والفصل بين السلطات والدساتير والحريات، و"فولتير" و"جان جاك روسو". ويكفينا الاطلاع على كتاب "نهج البلاغة" فمنه نتعلم المزيد من ديننا وتراثنا وحضارتنا وآدابنا وعلومنا في شتى مناحيها. ومازال جميع المسلمين يغترفون منه ما يشاءون من كل ما تميز وتحلى به الإمام "عليه السلام" من الفضائل والمكارم والوصايا والحِكَم. 
وإن رحل الإمام "عليه السلام" عن هذه الدنيا فهو لا يزال موجودًا بيننا، موجودًا بإيمانه وفكره، بشجاعته وبسالته، بحكمه وعدله، وبخطبه وإنسانيته. ومهما قُلنا أو كتبنا ما وفينا الإمام علي "عليه السلام" حقه.

كاتب وتربوي بحريني
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .