خلال السنوات الماضية لا يكاد يخلو شهر رمضان الكريم من مسلسلات مسيئة تسعى لتحقيق الشهرة والانتشار عبر قهر الناس من خلال الإساءة إليهم، ورجم النسيج الاجتماعي المحلي والإقليمي، والعادات والتقاليد والقيم، والموروثات الثقافية الأصيلة، وبأدنى نظرة منك إلى مواقع التواصل ستجدها طافحة بمقاطع الإساءات تلك، وكلما زادت جرعة الإساءة والانحطاط القيمي والاجتماعي، وتضخيم المشاكل الاجتماعية، والفحش اللفظي، والتركيز على مثيرات الغرائز الرخيصة، وتصويرها بتركيز.. زاد التلقف لهذه المقاطع، وتحصل المسلسل على نسبة عالية من المشاهدات، ما يولد رغبات لدى شريحة كبيرة من الجمهور الغافل في متابعة هذه النوعيات من المسلسلات، في حالة مشابهة لوضع الإعلانات عن وجبات "الچنك فود" السريعة غير الصحية، فهي تثير الغرائز لدى المتلقين بسبب قالبها الجذاب، ما يدفعهم لشراء هذه الوجبات التي تتسبب في مختلف المشاكل والأمراض، وتفسد عليهم الحياة الصحية متى استسلموا لإغراءاتها.

والأدهى أن يتم جمع مختلف أنواع الجرائم في ذلك المسلسل، وبلهجة محلية لإحدى الدول تحديدًا، وكأنّه الممثل الحقيقي لواقع ممارسات الناس اليومية فيها، ما يجعل أبناء هذه الدولة يشعرون بالإساءة ويحسون بالاستهداف، وقد شاهدنا خلال الأيام الماضية انتقادات واسعة من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في هذه الدولة، نتيجة تقديمهم بصورة في منتهى السلبية في أحد المسلسلات، الغريب أننا نجد أنفسنا كل عام أمام المشكلة نفسها (ورجعت حليمة لعادتها القديمة) للأسف، ونحن اليوم في أشد الحاجة لمحاسبة المسؤولين عن هذه الظاهرة السلبية التي كنا في السابق ننتقدها عند الغرب، واليوم باتت حالة سنوية مؤسفة في الشهر الكريم. لقد بلغ الحال إلى أن تم تداول إحدى الرسوم الساخرة من تلك المسلسلات بعنوان: (يا إبليس نام وارتاح، إحنا حنكمل الكفاح) في دلالة واضحة على القيام بدور إبليس في شهر تصفيد الشياطين.

كاتب بحريني