العدد 5637
الخميس 21 مارس 2024
banner
كمال الذيب
كمال الذيب
كتاب "الهزيمة النهائية للغرب"!
الخميس 21 مارس 2024

صدر في شهر يناير الماضي عن دار غاليمار الفرنسية كتاب للباحث الفرنسي في الأنثروبولوجيا إيمانويل تود بعنوان "هزيمة الغرب"، كشف فيه عن عدد من عوامل احتمال هذه الهزيمة، منها:

أولا: النقص الصناعي في عدد من بلدان أوروبا الغربية، وخاصة في الولايات المتحدة الأميركية، وعدم كفاية الإعداد والتدريب الهندسي، وانحدار المستوى التعليمي في أميركا، وتهاوي الديموغرافيا بشكل هائل، نتيجة اتساع رقعة رفض الزواج والإنجاب.

ثانيا: تراجع تأثير القيم الدينية البروتستانتية تحديدا، والتي كانت وراء صعود العالم البروتستانتي في إنجلترا والولايات المتحدة وألمانيا والدول الإسكندنافية، وذلك نتيجة انتشار النزعة "العدمية"، والتي جسدتها لحظة تشريع زواج المثليين، وسن قوانين الزواج للجميع، وهي – في تقديره - لحظة فارقة في الطريق نحو الانهيار، ما أدخل الغرب إلى ما يسميه تود حالة الصفر الديني، مع السعي المحموم لنشر "فكرة أن الرجل يمكن أن يصبح امرأة والمرأة رجلاً، كإنكار للواقع البيولوجي للبشر"، فقد أدى تراجع البروتستانتية إلى انتقال أميركا من الليبرالية الجديدة إلى العدمية، كما أدى إلى انتحار الاتحاد الأوروبي، في مواجهة روسيا المستقرة، التي أصبحت قوة عظمى محافظة، ومطمئنة لبقية العالم الذي لا يريد أن يتبع الغرب في مغامرته. (ويلاحظ هنا أن الكاتب وهو يمجد البروتستانتية تجاهل أنها أنتجت أشرس أنواع العنصرية، في ألمانيا النازية أو مع عبودية السود في الولايات المتحدة الأميركية).

ثالثا: تفضيل معظم العالم لروسيا، مع قدرتها على الصمود وتحويل الحصار إلى مكاسب، فضلا عما تحمله القوة الناعمة الروسية من المناهضة لمجتمع المثليين، واتضاح أن الحداثة الثقافية الغربية أصبحت غير موثوق بها في نظر أغلب دول العالم "بعكس الرؤية الروسية المحافظة التي لا تزال تجد لها صدى واسعا في مواجهة حالة التفسخ القيمي". (ويلاحظ أن الكاتب في تحامله على الغرب، قد تجاهل المشكلات الكبيرة التي تواجهها روسيا، باستثناء الجانب الديموغرافي).

رابعا: التورط الغربي الأعمى في أوكرانيا تحت عنوان مواجهة الخطر الروسي بهدف كسر ظهر روسيا، ولكن الذي حدث إلى حد الآن هو العكس تماما، حيث إن ظهر أوروبا هو الذي انكسر، مع اتضاح أن روسيا لا تريد غزو الغرب، ولا طاقة لها بذلك، خصوصا أنها تعاني من ديموغرافيا شديدة الضعف لا تسمح لها حتى بالتفكير في مثل هذا الأمر.
 

كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية