العدد 5635
الثلاثاء 19 مارس 2024
banner
المعارضة المسموح بها والمرغوب فيها
الثلاثاء 19 مارس 2024

من الأمور التي يرد بها المهتمون بالشأن السياسي في العالم والعارفون ببحاره على الذين يعملون تحت عنوان "المعارضة" أن الحكومة لا تمنعهم من هذا وتنظر إلى ما يقومون به – رغم كل تسرعهم وأخطائهم - من باب أنه حق ينص عليه الدستور، فالسلطة هنا تؤمن بأن المعارضة أداة يمكن أن تخدم البلاد والعباد لو وظفها ممارسوها بطريقة صحيحة. لكن هذه الحقيقة غائبة عن أولئك، والغالب أنهم يعتقدون أن المعارضة تعني التقليل من شأن كل عمل وإنجاز تقوم به الحكومة وكل خدمة تقدمها للمواطنين وانتقادها في كل الأحوال، وهذا يعني أنهم يمارسون دورا مغايرا للدور الذي ينبغي أن تمارسه المعارضة، والذي أساسه الإسهام بفاعلية في إحداث تغيير موجب يصب في المصلحة العامة.

هذه الممارسة القاصرة والخاطئة جعلتهم يعتبرون كل انتقاد يوجهونه إلى الحكومة وكل رأي يقلل من شأن إنجازاتها انتصارا وإسهاما في الارتقاء بالوطن والمواطن. لهذا ضعف موقفهم حتى لدى الذين تعاطفوا معهم في فترة ما لسبب أو لآخر، إذ من غير المعقول أن يكذب الناس عيونهم ويوافقون على ما يتم تسويقه من كلام ناقص عن الإنجازات التي تحققها الحكومة، دون أن يعني هذا أن كل عمل الحكومة مثالي ومميز.

خروجهم عن الفهم القاصر لدور المعارضة وابتعادهم عن العبث بعواطف العامة واستدرار تصفيقهم وتصفيق من يعتبرهم على صواب في كل الأحوال من شأنه أن يغير نظرة العالم إليهم فيؤمن بأنهم لا يخدمون أية أجندات، وأنهم على قدر مسؤولية العنوان الذي اختاروا أن يندرجوا تحته ويعملوا من خلاله.

المعارضة في كل بلاد العالم لا تعني الإساءة إلى الحكومة وليس دورها التقليل من شأن المنجزات التي تحققها والتي ينبغي أن تكون سببا لتوسيع الأرضية المشتركة التي يمكن من خلالها التقريب بين وجهات النظر والمواقف. التقدير أنه حان الوقت ليراجع من يعتبر نفسه "معارضة" فهمه لدورها، وأن يعمل على تجاوز الأخطاء.

كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية