+A
A-

من الوعود إلى الانهيار: رحلة الفشل المالي لبنكي أوال والبنك الآسيوي الإسلامي

عادت قصة بنك أوال إلى الساحة مؤخرًا بعد خبر بيع عقارات معن الصانع بمزادات علنية، من أهم القضايا وأكثرها غموضاً ما طال دائني بنك "أوال"، الذين يملكون 90% من مطالبات معطلة تصل إلى 2 مليار دولار وتأخر القائمين بإدارة البنك المتمثلة بـشركة "تشارلز راسل سبيشليز" من إحراز أي تقدم ملموس في تصفية البنك الذي تتولى إدارته في البحرين منذ أكثر من عقد.

وخلال السنوات الماضية، رُفعت عدة قضايا جنائية في محاكم البحرين من قبل مساهمين على إدارة بنك أوال المملوك لـ معن الصانع والمؤسسة المصرفية العالمية المملوكة لمجموعة القصيبي التي استغلها الصانع لتأسيس البنك الذي تبين لاحقًا أنه بنك وهمي، حول عدم إخطار مصرف البحرين المركزي بعجز بنك أوال والمؤسسة المصرفية العالمية عن الوفاء بالتزاماتهما، وتزويد مدققي الحسابات بمعلومات وبيانات كاذبة ومضللة تخالف حقيقة المركز المالي لبنك أوال والمؤسسة المصرفية العالمية، والمشاركة في إعداد ميزانية لبنك أوال لا تعبّر عن أرباحه الحقيقية، وإثبات عمليات قروض غير حقيقية في الميزانية، وإتلاف وإخفاء ملفات بنك أوال المتعلقة بعمليات الإقراض، فضــلاً عن إخفاء مستندات المؤسسة المصرفية العالمية الخاصــة بعمليــات الإقــراض، وحصــول مسؤولين متهمــين على مكافــأة أكثر من المقــرر قانــونًا بالمخــالفــة للنظام الأساسي للمؤسسة.

مطالبات الدائنين
وقالت المصادر إن دائني بنك أوال لم يتلقوا أي توزيعات منذ أن بدأت الإدارة مباشرة مهامها في العام 2009، رغم أن البنك تمكن من جمع بعض الأموال من مختلف المكاسب من التقاضي وغيرها من عمليات بيع للأصول والتي يمكنه إجراء توزيعات منها، لكن الشركة المديرة استفادت من هذا التعطيل باستلام أتعاب بملايين الدولارات، وهو ما جعل صبر الدائنين ينفد.

ووفقا لتقرير لـ"موقع ريورج للمعلومات الائتمانية والتحليل" نقلاً عن الميزانية العمومية غير المدققة لبنك "أوال" في 31 يوليو 2009، كان لدى البنك ما يصل إلى 5.5 مليار دولار من الأصول الإجمالية مقابل مطلوبات بـ2.75 مليار دولار، واعتباراً من تاريخ تقديم الطلب إلى المحكمة في 22 أكتوبر 2010، تلقى تشارلز راسل إخطارات مطالبة من الدائنين بحوالي 1.5 مليار دولار. وتنتشر أصول البنك في جميع أنحاء العالم، لكنها تتركز في الشرق الأوسط ومنطقة البحر الكاريبي وأوروبا.

ووفقا لملف الفصل الـ11 من قانون الإفلاس الأميركي لعام 2010، فإن قائمة الدائنين الذين يحملون 20 من أكبر المطالبات غير المضمونة للبنك تشمل بنوكاً عدة في الخليج، بالاضافة لبنوك عالمية أخرى مثل بنك مونتريال، وبايريش هيبو-أوند فيرينسبنك، وبايرن إل بين بنك بوبيان، كاليون، بنككومرتس، بنك فورتيس، بنك الكومنث الأسترالي، إتش إس بي سي، جبي بي مورجان، نوردباك، وغيرها من البنوك.

محاولة لم تكتمل
قال الرئيس التنفيذي الأسبق لبنك أوال صالح الكواري لـ"البلاد" إن البنك استقطبه لوضع استراتيجيات وخطط النمو لأعمال ونشاطات البنك المستقبلية وتفعيل دور القسم التجاري للبنك في السوق المحلية، ودعم دور البنك في تعزيز مسيرة التنمية الاقتصادية وتقديم الخدمات المالية المتميزة وتنمية الحركة التجارية والاستثمارية، إلا أن الأزمة التي ضربت البنك ومطالبات الدائنين بالديون التي نتجت عن الأزمة التي ألمت بالملياردير السابق معن الصانع منعت تحقيق ذلك.

التصفية الاجبارية
أعلن المدير الخارجي الموكل بإدارة بنك أوال الحصول على موافقة من مصرف البحرين المركزي للتصفية الإجبارية لـ«بنك أوال»، وبحسب القرار المنشور في الجريدة الرسمية في عددها الصادر 2022، فإن المدير الخارجي لبنك أوال «تشارلز راسل سبيجليز» تقدّم إلى المحكمة المختصّة بطلب التصفية الإجبارية، وفقًا لأحكام المادة (144) من قانون مصرف البحرين المركزي.

وسيطر مصرف البحرين المركزي على إدارة بنك أوال والمؤسسة المصرفية العالمية المملوكة لمجموعة القصيبي في يوليو 2009؛ بسبب نقص هائل في قيمة أصولها مقارنة بحجم التزاماتها، من أجل حماية الدائنين، وتفاديًا للأضرار التي قد تلحق بصناعة الخدمات المالية في المملكة.

وتقدّر إجمالي مديونية بنك أوال الذي يتملكه 3 مساهمين، معن الصانع، شركة سعد للاستثمار المحدودة وشركة سعد للتجارة والمقاولات والخدمات المالية – مملوكتان أيضاً لشركة معن الصانع وهو المالك المستفيد من البنك، بنحو 908 ملايين دولار أميركي، بينما تبلغ أصول البنك نحو 354 مليون دولار بحسب بيانات من المحكمة الكبرى الإدارية، وأنه في حال التصرف في أصول البنك من المتوقع حدوث عجز يصل إلى 61 % من إجمالي الأصول بنحو 554 مليون دولار أميركي.

بنك آخر ضحية لمعن الصانع "البنك الإسلامي الآسيوي"
عانى «البنك الإسلامي الآسيوي» من الديون المتعثرة لعملائه الخليجيين والتي كبدته خسائر 2010 وصلت إلى نصف قيمة رأس ماله بحسب بعض المصادر كان للملياردير السابق معن الصانع جزء كبير منها، وبعد تلك السنة قرر البنك التقليل من التركيز على أنشطة صيرفة الشركات وتقديم القروض.

وبين أحد مؤسسي البنك لـ"البلاد" أن مجموعة DBS القابضة استحوذت على حصص المستثمرين الخليجيين بالكامل عبر تحمل الديون التي خلف جزءا كبيرا منها الملياردير السابق معن الصانع، مما تسبب لهم خسائر بالغة أسوة بالبنوك الخليجية التي ساهم أيضا الملياردير الصانع بجزء كبير منها.

تأسيس البنك
وتأسس البنك الإسلامي الآسيوي عام 2007، كشراكة بين دي بي إس، إحدى كبرى مجموعات الخدمات المالية في آسيا، ومجموعة المستثمرين، وتوفر هذه الشراكة، بحسب القائمين على البنك، الرؤية الواضحة في كل من آسيا ودول مجلس التعاون الخليجي، واللذين يشكلان المحاور الأساسية للخدمات المصرفية الإسلامية، إضافة إلى منطقة الشرق الأوسط بشكل عام.

وتم تدشين البنك الإسلامي الآسيوي، الذي يتخذ من سنغافورة مقراً له، في البحرين أخيراً، بمشاركة 34 مستثمراً، من دول مجلس التعاون الخليجي، يمتلكون 49 % من أسهم البنك، إضافة إلى بنك دي بي أس، الذي يحتفظ بحصة الأغلبية، إذ يمتلك 51 % من الأسهم، ويبلغ رأسمال البنك المدفوع 500 مليون دولار.

وتشكل العائلات التجارية المعروفة والمجموعات الصناعية غالبية المستثمرين من دول مجلس التعاون الخليجي، ويحل السعوديون ثانياً في ترتيب المستثمرين في البنك، ثم البحرينيون، ويعمل المستثمرون في قطاعات مختلفة من الإنشاءات والسفر وتصنيع الأغذية والتجارة والبتروكيماويات وصناعة الحديد.

وتألف مجلس إدارة البنك الإسلامي الآسيوي من 9 أعضاء، برئاسة مصرفي بحريني مرموق، ونائب رئيس مجلس إدارة بنك DBS والرئيس التنفيذي له جاكسون تاي، منصب نائب رئيس مجلس إدارة المصرف الجديد، وتسعة أعضاء آخرين.

إغلاق "البنك الإسلامي الآسيوي"
قامت مجموعة دي بي أس عام 2015 بإغلاق فرعها البنكي الإسلامي في آسيا "البنك الإسلامي الآسيوي" بعد تأمين حصة غير كافية من قطاع البنوك الإسلامية المتنامي، على الرغم من أهمية سنغافورة كمركز مالي إقليمي.

وسيتم إغلاق آي بي آسيا، وفقًا لتقديم دي بي أس إلى بورصة سنغافورة في 14 سبتمبر بعد عدم تحقيق "اقتصاديات الحجم"، علمًا أن عملية التصفية ستستغرق من سنتين إلى ثلاث سنوات.