العدد 5627
الإثنين 11 مارس 2024
banner
كمال الذيب
كمال الذيب
هامش أخير حول التعليم والمستقبل (3)
الإثنين 11 مارس 2024


نختتم بهذه المقالة الهامش الثالث والأخير عن التعليم والمستقبل، بالتأكيد على ثلاث نقاط، مع الإقرار سلفا بأهمية وحجم الجهود الكبيرة المبذولة على هذا الصعيد:
أولا: أن الدول المتقدمة التي تتصارع اليوم على القمة، تطور نظم تعليمها باستمرار، وتحاول الاستفادة من نظم التعليم الناجحة في العالم، لأن التربية عملية مركبة متعددة الأبعاد، حيث أدْرَكَتْ الأمم الحيّة هذه الحقيقة، فنظرت إليها باعتبارها خط الدفاع الأول لوجودها وهويتها ونمائها. وإذا نظرنا إلى التجارب النّاجحة في العالم، شرقًا وغربًا، نجد أن نجاحها كان في الغالب من بوابة التعليم، باعتباره مولدًا للثروة والقوة. وضمن هذا الوعي أولت مملكة البحرين للتربية ولا تزال الاهتمام اللازم الذي كان وراء الإنجازات التي تحققت إلى حد الآن. لذلك عندما نتحدث عن المستقبل، في موقع الإنجاز، يكون المطلوب أن نضيف إلى الإنجازات السابقة إنجازات جديدة في ضوء التحولات التي يشهدها المجتمع، وفي ضوء نتائج الثورة العلمية والتكنولوجية والاتصالية والتحديات العالمية الكبرى في مختلف المجالات. ثانيا: لقد نجحت البحرين إلى حد الآن في كسب رهان الكم، بتوفير التعليم للجميع، وتمكين الأطفال - بمن فيهم ذوو الاحتياجات الخاصة - من الحصول على تعليم أساسي جيد ومجاني وإلزامي، والقضاء شبه الكامل على الأمية، وتحقيق تكافؤ الفرص. كما خطت خطوات في طريق الكيف، ولكن لا تزال أمامها مهمات أخرى لتحقيق الجودة والمزيد من التطوير للتعلم الرقمي كأحد أهم مفاتيح مجتمع المعرفة، وتوفير خيارات جديدة ومتطورة في التعليم الفني والمهني، ووضع نظام وطني جديد للتقييم والالتحاق بالجامعات، وتطوير عمل مؤسسات التعليم العالي وتحديث معاييرها وبرامجها إلى آخر ما يعيه التربويون بكل تأكيد في هذا الصدد. ثالثا: أن الاستثمار في التعليم يبقى أهم وأفضل استثمار في الحاضر والمستقبل، لأنه استثمار في الموارد البشرية، ليكون قوة الدفع الرئيسة للتنمية، والضامن الأساسي لتعزيز القيم والثوابت، وروح الانتماء والمواطنة، وبناء شخصية المتعلم وإعداده للحياة والعمل والإنتاج، وتنمية الفكر الناقد الحر. ولكن يبقى التحدي دائما متعلقا بالقدرة على الاستمرار في توفير التعليم للجميع، مع النمو السكاني المضطرد، وتحسين نوعيته في ذات الوقت، بالرغم من شح الموارد، ليتناسب مع حاجات المتعلمين ومتطلبات التنمية، بحيث يحقق طلبتنا نتائج تماثل نتائج أقرانهم في الدول المتقدمة في العلوم والرياضيات وفي سائر المهارات الأساسية.

كاتب وإعلامي بحريني
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية