العدد 5627
الإثنين 11 مارس 2024
banner
شهر رمضان والحفاظ على النِعمة
الإثنين 11 مارس 2024


يُعتبر شهر رمضان الأكثر إسرافًا في الإنفاق على تناول الأطعمة وإهدارها، ويحث الدين والشرائع السماوية على الاعتدال وعدم الإسراف، إلا أن الناس خلال هذا الشهر الفضيل اعتادت أن تنفق الكثير على ما لذ وطاب من الأطعمة والأشربة، ويتم التخلص من الزائد منها إما بتوزيعها أو أن تلقى مصيرها في الحاويات التي تمتلئ عن بكرة أبيها. إن كثرة الإنفاق خلال الشهر الكريم تتناقض كثيرًا مع الوضع الاقتصادي للكثير من الأُسر، إلا أن هذا الوضع لا يكون حائلًا لهذه العادة الشرائية بفضل ما يتلقونه من مساعدات من الهيئات الرسمية والأهلية ومن أهل الخير.
وطبقًا لقانون العرض والطلب فإن ما يوضع على المائدة من الأطعمة (العرض) يزيد كثيرًا عن حاجة آكليه (الطلب)، فأسعار السلع الرمضانية معتدلة وبعضها رخيص إلا أن المستهلك يأخذ أكثر من حاجته، خصوصا إذا وفرت له المحلات التجارية "فخ الشراء" المسمى بـ "العروض التجارية ــ الاستهلاكية"، فيقع فيها ويجعل بيته مخزنًا لهذه المحلات، والتي قد تكفيه حتى رمضان 2025م إذا بقيَ بها تاريخ للصلاحية، ويكشف تقرير صادر عن "منظمة الأغذية والزراعة ــ الفاو" (أن خفض الفاقد من الأغذية والهدر الغذائي يُعتبر عاملًا أساسيًا لتحسين توافر الأغذية والوصول إلى الأمن الغذائي، وتخفيف الضغط على الموارد الطبيعية)، وملء الحاويات بما يُهدر من الأطعمة يؤثر على البيئة ويتناقض مع الجهود المبذولة لمواجهة أزمتي المناخ والغذاء العالميتين وكذلك الفقر. إن المبادرات الأسرية والمجتمعية والرسمية لخفض الاستهلاك وحفظ النعمة تساهم في توعية أفراد المجتمع بتحديات الحد من الهدر ــ وهو تحد اقتصادي وصحي وبيئي، وتسلط الضوء على قيمة وأهمية هدر الطعام، وتجسد قوله تعالى "وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا"، وتأتي جهود "جمعية حفظ النعمة" بهدف الاستفادة من فائض الأطعمة وتعليبها صحيًا وإعادة توزيعها على العوائل المحتاجة. إن مكافحة الهدر تأتي من الأسرة أولا، وذلك بوضع برنامج لمشتريات ما تحتاجه فعلًا، وتجنب الشراء العشوائي. وكُل عام وجميعنا بخير.

كاتب وتربوي بحريني
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية