إثر التوترات التي شهدتها المنطقة العربية جراء العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة والأقطار العربية المحاذية لفلسطين، طالب العراق مجددًا بخروج القوات العسكرية الأميركية منه، وهي القوات الجاثمة على العراق منذُ مارس 2003م وحتى الآن ولمدة (21) عامًا، ويأتي هذا الطلب لأن وجود هذه القوات يُزعزع أمن العراق واستقراره، وقد تلقت القوات الأميركية منذُ احتلالها العراق عشرات الآلاف من الضربات على يد المقاومة العراقية التي لم تكف يومًا عن مقارعة هذه القوات وعناصرها، وقد وقعت الحكومات العراقية مع أميركا في عام 2008م اتفاقية أمنية نصت على “تنسحب القوات الأميركية من العراق بتاريخ لا يتعدى 31 ديسمبر 2011م في حال عدم اتفاق الطرفين على تمديد بقائها”، وقد صادق البرلمان العراقي على هذه الاتفاقية بقانون وضعه، فهل تنسحب فعلًا القوات الأميركية من العراق؟
إن وجود القوات الأميركية في العراق له فائدة للفصائل المسلحة المدعومة من إيران، ولإيران كذلك، فهي تحمي فصائلها وتذود عن وجودها منذُ أن اشتركوا جميعًا في احتلال العراق، ولو أن هذه القوات خرجت فمن سيحمي هؤلاء؟ ومع وجود هذه القوات حصلت نزاعات طائفية وعشائرية وداعشية ومازالت من أجل أن ينال كل فريق نصيبه من أرض العراق. فمن المستبعد الآن ولسنوات أخرى أن تخرج القوات الأميركية من العراق، واليوم إذا رحلت القوات الأميركية فسيأتي غدًا الدور على القوات الإيرانية التي تمسك بجميع الملفات، وإن حصلت مفاوضات حول خروج هذه القوات بين العراق وأميركا ــ فإنها ستأخذ سنوات طويلة أولًا، وستكون ثانيًا مفاوضات من أجل تنظيم جديد للعلاقة بين أميركا ودول التحالف مع العراق وتحت مسميات التعاون في المجالات العسكرية من تسليح وتدريب ودعم لوجستي واستخباراتي وتطوير القدرات الدفاعية. ولماذا لا يطلب من إيران أن تسحب قواتها العسكرية والأمنية والميليشاوية من العراق؟ إن خروج القوتين الإيرانية والأميركية من العراق يُمثل “ضربًا من الخيال”، بل ويعني هزيمتهما.
* كاتب وتربوي بحريني