على الكاتب والأديب أن يرسم لنفسه طريقا ويبلور لفكره منهجاً، ويؤمن أن قيمة الكاتب في أن يزيل عن القارئ الذهول الذي كثيراً ما يقع فيه تحت ظروف معينة، وبما أن طابع الحياة المعقد متعدد الأشكال، ومسيرة تطورها العارمة، وتعدد الظاهرات، وتعقد وديناميكية الشخصيات، كل هذا اقتضى أن يصبح الأدب متعدد الأشكال مرناً، يعير أذنا صاغية لكل تغير واختلاف، وأن يغدو غنياً بالألوان والتنوعات.
ووجدنا في قراءاتنا الكثيرة لمختلف الأدباء في الغرب، أن أعمال الأديب الروسي مكسيم غوركي هي مثال ساطع على هذا التنوع والغنى، وكان غوركي أيضاً يريد دائماً أن يتوصل الكاتب إلى أن يحل هو نفسه القضايا التي يطرح هو نفسه موضوعها ويكتشف تفسيرها، وكان غوركي يلقي ضوءاً ساطعاً على المهمات المشتركة، ويتحدث عنها دون التباس وبصورة محددة تماماً. ولم يكن يبحث عن جواب صالح إلى الأبد، بل إن القضايا ومعالجتها كانت تمليها خصائص هذه الفترة أو تلك من فترات تطور المجتمع. 
إن الأدب عظيم بحقيقته، ولا يمكن أن تكون الحقيقة ضيقة، وحيدة الجانب، وكان غوركي يعلم أن ترى الحياة بكل غناها، ببطولتها وحقارتها، وبجميع تناقضاتها وصعوباتها، وكان يبغض الضيق البورجوازي - الصغير الذي كان يحول دون فهم الاتجاه العام لتطور الحياة. تشجيع العمل الأفضل، ودعم المواهب الجديدة، وعدم الإفراط في امتداحها، وتربية التواضع والمهارة عند الكتاب، ذلك كله كان يقوم مكسيم غوركي بتعليمه باستمرار.
   ولهذا السبب يثير أدب مكسيم غوركي اهتماماً كبيراً في جميع أنحاء العالم، لأنه يقدم الزاد الفكري للإنسان ليفهم مجتمعه وليتقدم في الزمان، ويعلمنا كذلك أنه كلما كان عالمنا كبيراً، إلا أنه صغير في أذهاننا.
كاتب بحريني