العدد 5512
الجمعة 17 نوفمبر 2023
banner
محمد الماجد... الكاتب المنحاز للإنسانية
الجمعة 17 نوفمبر 2023

لقد سمعت من رفقاء درب الوالد محمد الماجد رحمه الله، أن فضوله اللانهائي كان يدفعه إلى الخوض في أنحاء البلاد والحياة، فمنذ طفولته وهو يعاني من فضول مقلق ورغبة في فهم الأحياء، وهو يجد في كل شخص ناحية فريدة وغريبة يجب اكتشافها ويتعلق بالشخص الذي يثير انتباهه ما لم يكشف علاته، وقد تستمر هذه المسألة ساعات كما قد تتطلب منه شهورا بأكملها. 
كان فضوله يدفعه أحيانا إلى سؤال أي عامل عن معنى كلمة أو عمل لا يفهمه، وهذا الفضول هو الذي دفعه وهو كبير إلى البحث عن معنى الحياة، والسؤال محاولة لإيجاد تفسير، أي أن المحرك لكل فن لا يكتفي بالوصف. 
لهذا يمكننا وصف الماجد بأنه الكاتب النابع من الشارع والشعب، وأحد القلائل الذين لم يبتعدوا عنه، فبدأ يسجل تجربته بالكتابة، فجاءت مختلفة في أعماقها عن تجربة كل الكتاب الآخرين، إذ تعرف القراء آنذاك على تجاربهم الذاتية ووعوا حقيقة وجودهم من خلال كتابات الماجد في “الأضواء”، خصوصا من عرف مثله البؤس والقسوة واليتم، وبحثوا مثله أيضا عن السعادة في كل الطرق اللانهائية فلم يجدوها.
من يقرأ الماجد سيعرف أن سمته الأساسية والمميزة انحيازه للإنسانية، ولما كان يفتقد السعادة فهو يريد أن يدخلها في قلوب كل الذين يعيشون في ظروف سيئة في المجتمع، والتجربة التي أضافها الماجد إلى عالم الأدب تجعله مختلفا تماما عن كل زملائه من الكتاب، فهو يعرف المعنى الحقيقي للكلمات التي يستخدمها، فالإنسان بالنسبة له ليس كلمة مجردة، لأنه رأى وعانى من أنواع الشقاء والعذاب ودفع غاليا ثمن ذلك.
محمد الماجد لم يكن يرضى باللون الوردي، كما لا يقبل باللون الأسود، بل عاش حياة تقع بين شروق الشمس وغروب القمر، ولا شيء يعرف عنه أكثر من هذا.
* كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية