العدد 5511
الخميس 16 نوفمبر 2023
banner
روايات شبابية مثل الضباب الثقيل
الخميس 16 نوفمبر 2023

خلال الأشهر الأخيرة وجدت نفسي محاصرا بعدد من الروايات التي أهداني إياها بعض من شبابنا الموهوب، وبعد السفر الطويل يمينا وشمالا بين خلايا السطور والأحرف حتى شعرت أن بؤبؤ عيني أصبح كقرص الشمس من كثرة القراءة، اكتشفت أن معظم الروايات متشابهة في الواقع والخيال، ويطغى عليها العنصر الغربي بشكل واضح، غير عابئة بالمحلية.
بكل أسف بعض كتابنا الشباب - ولا تنقص بعضهم الموهبة - يعرفون جهدهم في التقليد، تقليد المذهب السائد، والمذاهب السائدة وبصورة خاصة في العصر الحاضر، هي كالموضة سريعة الزوال، سريعة الذهاب، فأحب لهم أن يقلدوا، أن يكتبوا الرواية.. كتابة الرواية هي من جملة التقليد؛ لأن الظروف الاجتماعية والسياسية والأدبية في هذا العصر اقتضت أن تكون الرواية اللون السائد من ألوان الأدب، فلا بأس أن نكتب هذا، لأننا نحن جزء من هذا العالم، يلحقنا ما يلحقه، ونعبر عن آرائنا وأفكارنا بالطريقة التي يعبر عنها الآخرون.
لكن أن نكتب الرواية تقليدا لمجرد أنها نجحت في بلد من البلدان، أن نكتب الرواية “الفانتازية” بمجرد أنها نجحت في بلد من البلدان. أن نكتب القصة الغامضة بمجرد أن كاتباً أوروبياً أو أميركيا مثلا كتبها، الظروف التفصيلية للكاتب الأميركي أو الإنجليزي أو الفرنسي أو الروسي مثلا ليست كظروفنا التفصيلية، ظروفنا الإنسانية العامة واحدة، قضت بأن تكون الرواية سائدة، لكن لم تقض بأن تكون نفس الدقائق في كتابة الرواية في بلادنا هي نفس الظروف؛ لهذا فإن ملاحقة كل لاحق وتقليده دليل على ضعف ثقة الكاتب بنفسه. وكما أنها لا تعطينا قيمة ثابتة حقيقية.
علي كتابنا الشباب البحث والتنقيب في التجربة الإنسانية، واختيار الاتجاه المختلف عن الآخرين، وإلا ستكون الكتابة مثل الضباب الثقيل.
كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .