العدد 5509
الثلاثاء 14 نوفمبر 2023
banner
العقلية الأميركية الرافضة للسلام والأمان.. سببها ونشوؤها
الثلاثاء 14 نوفمبر 2023

وقوف الولايات المتحدة الأميركية، إلى جانب إسرائيل في عدوانها على غزة واستهتارها بالقانون الدولي، ليس مقترنا بالغرور والاعتداد بالقوة فحسب، بل أبعد من ذلك بكثير، ويرتبط بشكل أساسي بالهوية وصانعي الأفكار والمذاهب في تلك الأرض أو القارة الكبيرة التي بنيت بالعنف.
فأميركا وكما علمتنا الكتب مجتمع جديد مصنوع، حيث لا تاريخ ولا تقاليد، إنما جمعت بين هذه الأخلاط من أصحاب الإرادة في الهجرة قيم متميزة، قيل إنها خصائص الآباء المؤسسين، وهي عدم التمسك بالروتين والنفور من المبادئ العامة والقواعد الجامدة، مع السطحية والإيقاع السريع والاستغلال الوحشي للطبيعة والقوة البشرية، والإيمان بأن كلا منهم رسول، لكنه رسول يتحدث عن أمور الفكر بالدولار، ويؤمن بأن الحياة صراع ومغامرة، وحياة كل إنسان رهن بجهده وفكره وبراعته في اغتنام الفرص، فلا حسب ولا نسب، كل لنفسه وبنفسه وإلى الجحيم بالمتواكلين أو بالآخرين ولا مجال للقيم البشرية.
وهو مادي بالمعنى المبتذل، أي يعنيه فقط ما هو عيني وملموس وحاضر ومباشر، وتعنيه طيبات الحياة الدنيا، والفضيلة تعني كسب المال، والفقر دليل على الكسل والوضاعة الأخلاقية وافتقاد الهمة وضعف الروح المعنوية، ولا أمان في الحياة لمن يعيش على الخيال أو المتصوف.
إذا كل هؤلاء المهاجرين إنما هجروا العالم القديم بكل تاريخه وقيمه، وتركوه وراء ظهورهم وسحقا لكل شيء، ومرحبا بكل شيء، وصولا إلى الغاية المنشودة التي أنشدها أنا، ولا شأن لي بسواي، وهذا ما يفسر لنا طبيعة العقلية الأميركية الرافضة للسلام والأمان وعدم تغليب الحكمة والصدق والنزاهة والغيرية إزاء كل ما يتعرض له العالم من مآس وتحديات، ماذا ننتظر من مجتمع ضعيف الضمير والانسجام والاتزان، والازدواجية والمغالطات تنام في قلوبهم.
* كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية