النقلة النوعية في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في تغطية الهجوم العنيف والقصف المتعمد على قطاع غزة تحكي لنا الكثير عن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على سير أحداث المعركة، فالخوف من الهزيمة لم يصبح أسير معارك الحرب على الأرض، إنما تنامى ليشمل المعركة الإعلامية التي فاز بها صحافيو وإعلاميو القطاع بجدارة وشجاعة متناهية بعيدا عن مواقعهم أو انتماءاتهم في المؤسسات الإعلامية.

لقد فازت الإنسانية وخسر الكيان المعركة الإعلامية، رغم دفعه الملايين من الذباب الإلكتروني، ومؤثري السوشال ميديا، وقنوات الأخبار العالمية، ورغم سيطرة أجندة الكيان على جميع مؤسسات الإعلام الغربي بطريقة أو بأخرى، فاز أهل غزة وارتقوا وكنا شهودا على ذلك في كل بث مباشر يقدمه كل إنسان يعيش بقطاع غزة، سواء كان إعلاميا أو مدنيا يرغب في الحياة والنجاة ليس أكثر، ويرغب أن يجعلنا شهودا على ما يمرون فيه من إبادة حقيقية التزم المجتمع الدولي الصمت تجاهها.

أعترف أن موازين اللعبة تغيرت كثيرا في الأسبوع الماضي، وبدأت الرؤية تتضح للمجتمع الغربي، ولكثير من البشر الذين باتوا على علم بما يدور في القطاع، بل إنهم باتوا يتخيلون أنفسهم وأسرهم وأطفالهم، في تلك المشاهد المنتشرة عن أهالي غزة على قنوات التواصل الاجتماعي، وهو ما أثار جنون العدو الذي كان يستخدم مشاهد الضحايا وينسبها لنفسه كدعاية عكسية له في أوساط العالم الغربي المخدوع سابقا، لكن دعايته التي تعتمد على الكذب والخداع باتت مكشوفة الآن، والخوف الذي يعيشه الكيان وعدم القدرة الحقيقية على السيطرة على تلك المعركة أثار جنونه منذ اليوم الأول، فكانت النساء والأطفال هدفا أساسيا له، ويأتي قطع الإنترنت عن القطاع كهدف أساسي لقطع المعرفة عن ما يدور للمدنيين والأبرياء في تلك البقعة الصغيرة التي تحولت إلى هولوكوست الشرق على يد إسرائيل وأعوانها.

ومضة

لن ننسى تلك المشاهد ما حيينا، لن ننسى أطراف الأطفال الممزقة، والأشلاء المتناثرة، والجثث المتفحمة! لن ننسى الأمهات الثكلى، والأطفال اليتامى، لن ننسى عجزنا في كل تلك اللحظات سوى عن الدعاء لهم بالنصر والتفريج! والنصر آت لا محالة.

كاتبة وأكاديمية بحرينية