بينما يغلي الشارع العربي إثر ما يحدث من انتهاكات لحقوق الإنسان وانتهاكات للقانون الدولي، والإبادة الجماعية لسكان قطاع غزة، تصل للغرب صورة مغايرة عن الواقع، دعايات مختلفة عن كل ما يحدث على أرض الحقيقة، إنه الإعلام بسلاحه الفتاك الذي تسيطر عليه شريحة بسيطة ذات نفوذ قوي مستعدة لقلب كل الحقائق وتشفير الأحداث وحجب الحقيقة لمصلحتها فقط لإدراكها التام أهمية هذه الوسيلة في تسطير أي نجاح تسعى له!
لقد علم الغرب ما هو الإعلام منذ استخدامه في الحرب العالمية الأولى، وتفقه فيه جيدا في الحرب العالمية الثانية، ثم أصبح مولعا به واستخدمه أشد استخدام ابان ذلك، أي في فترة الحرب الباردة التي كانت حربا إعلامية من الطراز الأول استخدم فيها المتنازعون كل ما يمكن استخدامه من دعاية وتحفيز واستعراض للقوى، وتراشق المعسكران الغربي والشرقي بكل أدوات الإعلام الممكنة لإثبات الجدارة وإقناع العالم بالسيطرة، ولم يبق لبقية الدول التي لم تكن منحازة إلى أي معسكر سوى الفتات وأقل منه، لنقل صور من واقع تعيشه بلدان عديدة يتم وصفها بدول العالم الثالث أو دول عدم الانحياز كما يحب البعض أن يصفها.
وها نحن الآن في الألفية الثانية ورغم كل ما نعيشه من ألم وخذلان وقصور في ذات اليد مما يحدث في قطاع غزة، ورغم وضوح المعاناة والألم إلا أن الصورة محجوبة عن بقية العالم! بل ويتم تداول دعاية مختلفة تجعل الضحية في دور المجرم والعكس صحيح.
وكل ما يحدث من حولنا هو نتاج خوف حقيقي من استخدام وسائل الإعلام الجماهيرية ووسائل التواصل بشكل صحيح من قبل الحكومات والشعوب في عالمنا! إنه خوف تربينا عليه إثر تعاملنا مع الإعلام ووسائله منذ نشأته، ولا أنكر أن هناك محاولات فردية لإيصال صوت الحق، لكننا كنا سنوفر الكثير من الجهد والمال إذا ما كنا حقا قد استطعنا أن نسيطر على وكالات الأنباء العالمية أو القنوات المهمة، أو مواقع الإنترنت الأكثر رواجا بين المستخدمين، ولا تظن أنني أسرح بخيالي، فدول عربية مسلمة استطاعت أن تشتري فرقا وأندية رياضية.
في عالمنا العربي لا نعترف بالإعلام كأداة حرب ووسيلة سلام، ولا نستخدم الإعلام الاستخدام الأمثل! أما أن ننقل صوتنا وصورتنا وما نمر به من أزمات حقيقية وانتصارات جلية فهو في يد الآخرين يرسمونه لنا كما يحلو لهم فالإعلام عن بكرة أبيه في يدهم وحدهم! فهل نفهم الدرس وإن كان متأخرا؟
كاتبة وأكاديمية بحرينية