العدد 5465
الأحد 01 أكتوبر 2023
banner
عدوى “المنصب”
الأحد 01 أكتوبر 2023

كانت تهم بالسلام عليها، لكن الأخرى تراجعت خطوة إلى الوراء، اندهشت لوهلة، ثم تذكرت أنها عينت للتو في منصب! كان صديقه ورفيقه، ثم بات يمشي أمامه متجهما وكأنه لا سفر ولا لقاء ولا سلام ولا كلام بينهما، لكنه أدرك أن صديقه أصيب بالعدوى، منذ توليه المنصب! كانا للتو قد تعارفا، ثم فجأة اختفى من حياته، ثم اعتذر منه على تجاهله فترة طويلة بسبب “المشغوليات” وما آل إليه منذ توليه المنصب!
لابد أنها شفرة مستعصية على الحل تطرح تساؤلا مفاده ما علاقة المنصب بما يؤول إليه صاحبه من تغير بعد أن يوكل إليه! ولا أرى حقيقة أي ربط بأن تكون غليظا في تعاملاتك الإنسانية فقط لكي تثبت جدارتك وأحقيتك بالمنصب! ويالها من فكاهة سمجة، حين تتوقع يا صاحب المنصب أن الناس ستحترمك إذا ما تغيرت لغة جسدك وأسلوب تعاملك مع الآخرين، فالأخلاق تفرض نفسها في المقام الأول، ثم الإدارة والحنكة والتوازن في المواقف، وتأتي فيما بعدها لغة الحزم واللين حتى تفصل بين الأمور! أعرف أحدهم كان ينظر إلى ساعته كل فينة وأخرى ليشعر من أمامه أن وقته من ذهب، وأنه مهم، مهم جدا أو حتى مهم للغاية! ولا أعلم من نصحه بهذه الحركة المضحكة من وجهة نظري!
يجب أن يدرك الجميع أن المناصب مهمات موكلة للأشخاص لتسيير أمور معينة في فترة زمنية محددة، ثم إنه لا بقاء دائم ولا تقوقع داخل منصبك مدى الحياة، حاول أن تكون بشرا هينا لينا وحازما متوهجا موازنا بين كل الأمور، دون عدوى المنصب المنتشرة بكثرة، فتجهمك، وعدم ابتسامتك، وانشغالك وتعمد إظهار كل ذلك يصيب الجميع بالاشمئزاز والرغبة في السخرية منك، حاول يا من ستؤول لك عجلة النجاح أو حتى عجلة الحظ أن لا تخسر إنسانيتك بسبب عدوى “المنصب”.
كاتبة وأكاديمية بحرينية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .