كثيرون وربما السواد الأعظم من البشر يخافون يوم القيامة، لما سيحمله من أهوال، ذكرها جل وعلا في كتابه العزيز في الكثير من آياته، لكنني وعلى النقيض أجده يوماً جميلاً، وأتوق لملاقاته لما سيتضمنه من قصصٍ ستفاجئنا حينها، وستتكشف فيه أمور قد اختلفنا عليها، لنعرف الحق من الباطل، وستظهر فيه النفوس والوجوه الحقيقية للناس من حولنا، والتي طالما خُدعنا بها ولم نكن نعلم خائنة أعينهم وأنفسهم، ولم ندرك أنهم ليسوا إلا حفنة من الأفاكين والمنافقين.

ستجد من ظلمك دون أن تدري واقفاً أمامك، ومن نافقك وكذب عليك يطلب السماح منك، ومن تكلم على عرضك ستُأخذ من حسناته لتقع في ميزان حسناتك، ومن سرقك أو أكل مالك غصباً سيتمنى عفوك، ومن دعا لك في غيابك كذلك ستعرفه، ومن تصدق لك أو حتى عنك ستشاهد وجهه، ومن كان سبباً في سعادتك ولو بمقدار جناح بعوضة ستعرف اسمه، والكثير من الأمور التي قد نقلل من شأنها أو لم نلتفت إليها هنا في حياتنا الدنيا، سنجدها واضحة وجلية وبكل تفاصيلها ماثلة أمامنا.. قصصا وأحداثا سُتعرض علينا كأجمل روايات قد تمر علينا. ألم يقل الله سبحانه وتعالى:

“وَوُضِعَ ٱلْكِتَٰبُ فَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَٰوَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا ٱلْكِتَٰبِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّآ أَحْصَىٰهَا ۚ وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (الكهف 49). 

حتى أقدارنا التي كنا قد وجدناها مؤلمة، ولم نجد لها تفسيراً حينها، وباتت حتى مماتنا غامضة، سنجدها مفسرة، وسنجد رحمة الله التي لفتها واحتوتها، رغم بكائنا عليها أو بسببها قهراً، سنجد وعد الله حق اليقين.

لأولئك الذين استقووا على الضعيف، واستغلوا مناصبهم لظلم العباد، ونسوا يوم الحساب، أقول كما يقول الله تعالى في سورة المطففين (9) إن وراءكم “كتاب مرقوم”، وإن وراءنا جميعا يوما نصطف فيه نحاسب بعضنا، فتعرض علينا أفعالنا، وأقوالنا، وكل ما قد تسببنا فيه من ظلم، وترتب عليه ظلم آخرين تباعاً، فلنحذر ذلك اليوم.

ياسمينة: لنكن من الفرحين يومها.

* كاتبة بحرينية