العدد 5294
الخميس 13 أبريل 2023
banner
مجـرد رأي كمال الذيب
كمال الذيب
عندما تجتمع الأمية المزمنة وانفصال المثقف عن الواقع!
الخميس 13 أبريل 2023

تعقيبا على سؤال (هل مازالت للكتابة جدوى؟) والذي طرحته في مقالة سابقة، وصلني تعقيبان يلخصان الإجابة على هذا الجدل:
التعقيب الأول: الكتابة ستظل حيَّة لا تموت، حتى إن قلّ التلقي لأسباب عديدة تتعلق بانتشار الأمية والفقر، إلا أن المشكلة ترتبط في رأيي بالنشر، ففي البلدان الغربية وفي الهند والصين واليابان وكوريا وسنغافورة وغيرها من دول العالم الحي، تزداد عندهم القراءة والكتابة والنشر بكل أشكاله، رغم التكنولوجيات المبهرة التي اخترعوها، وأكثر ما يلفت انتباهك عندما تستقل المواصلات العامة في هذه البلدان أن الأغلبية الساحقة من الركاب ينهمكون في القراءة. يقرأون الكتب والصحف الورقية والإلكترونية على حد سواء. كما أن أرقام الطبع لعدة صحف في الهند قد ارتفعت إلى أكثر من الضعف خلال السنوات الخمس الأخيرة، وكذلك عدد الإصدارات من الكتب والدراسات والروايات ودواوين الشعر.. أما نحن فالمشكلة عندنا مركبة، نجمع بين تفشي الأمية المزمنة والفقر والفوضى، وانفصال المثقفين عن الواقع، إلا فيما ندر.
التعقيب الثاني: أرى أن عصر الكتاب الورقي والصحافة الورقية يطوي أيامه الأخيرة، لصالح ثورة الاتصال والمعلومات وجيوش الكيبورد التي تستقطب الناس من مختلف الفئات حتى من أشباه الأميين، وتأثيرها فوري على حياة المجتمع، وباتت تتفوق على وسائل الإعلام والنشر التقليدية مستفيدة من الانفلات من وسائل الرقابة المعتادة، ومن سهولة النشر والاتصال بالعالم الافتراضي.
وهذا التأثير أصبح كبيرا، رغم ما يحمله من تفاهة وسخافة وأكاذيب، لأن هذه الجيوش الجرارة غير المؤهلة معرفيا، وغير المهيأة فكريا وقيميا تخبط خبطا عشوائيا في ساحة الوغاء على غير هدى، فتحدث تأثيرا فوريا على جميع المستويات، إلى درجة تقلص معها تأثير أجهزة الإعلام التقليدية والفضائيات، فهي متحررة من متطلبات المسؤولية القيمية والوطنية والاجتماعية وحتى القانونية، فهي لا تتطلب ترخيصا وتكون بين أيدي الأطفال والمراهقين وحتى قطاع الطرق، بما يرفع من حجم خطرها الذي قد يكون في بعض الأحيان أخطر من الأسلحة النارية، إنه واقع جديد، فيه إيجابيات، ولكن فيه سلبيات كثيرة. وهذا ما يجب أن يدرس ويناقش في تقديري.
*كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .