العدد 5287
الخميس 06 أبريل 2023
banner
مجـرد رأي كمال الذيب
كمال الذيب
هل لا تزال للكتابة أية أهمية؟
الخميس 06 أبريل 2023

في العديد من المرات يواجهنا بعض الأصدقاء بموقف سلبي مستهين بالكتابة، قائلين: “لم تعد الكتابة خصوصا في الصحافة ذات جدوى، بل أصبحت حالة من التنفيس الذاتي من دون تلق تقريبا، أكثر من كونها جزءا من معركة الوعي”.
ووفق هذا المنطق أصبح على الكاتب أن يهرب مقالته إلى جهة لا يراها أحد ولا يقرأها قارئ، فهو مادام يحيا على الأرض السابعة المسحورة، فكل ما تلمسه يداه يختبئ، لذلك فهو مضطر إلى اللجوء إلى علوم الخربشة لتكون كتابته بلا منطق وبلا ذاكرة وغير قابلة للقراءة أصلا! والسؤال: هل يمكن أن نهجر الكتابة النظامية التي أمضينا فيها عشرات السنين، ونلجأ إلى بناء نظام دلالي من الكلمات والجمل الشاردة التي نراكمها على وجوه طاولاتنا، وعلى واجهات جدراننا العارية، أو على ورق ملقى على سبيل الصدفة، على صفحات مذكراتنا الخاصة وغير المعدة للنشر؟ هل الكتابة مجرد منطقة للإسقاط النفسي الحر، لا مثالية ولا مسؤولة متروكة ككائن لم يقع الشروع في تسميته بعد باعتبارها كتابات غير هادفة، وتعتبر قراءتها مجرد تطواف مجاني تجريبي في بناء فكرة استقرائية على قاعدة غير معدة بعد للتأويل، لتصبح وثيقة لتحليل إحداثيات اللاوعي الذاتي والعام معا؟
سوف لن يكون ممكنا أو ضروريا الإجابة عن مثل هذه الأسئلة، لانخراطها ضمن ما يمكن تسميته بفلسفة المخلفات اللغوية، أو المتروك الرمزي المتبقي لنا للعودة إلى النزق القديم، لإعادة تخليق القلق المعاد تكوينه لإنسان قلق في حضارة قلقة تهتم بالأقفال والإغلاق أكثر من اهتمامها بالمفاتيح، وتحتفي بالأجوبة الجاهزة أكثر من احتفائها بالأسئلة الوجودية الحية الحيوية؟
من الواضح عندنا على الأقل، أن الكتابة لم تعد فعلا خطيرا، مثلما كان يقول ميشيل فوكو أو فريديريك نيتشه وغيرهما من المفكرين والفلاسفة، لذلك لم يعد من المهم أن تشكل الكتابة نسقا منضبطا عقلانيا، بما هي قول شيء قولا نهائيا كاملا ناجزا متعاليا مروضا ترويض الجياد الأليفة حتى تمر وتصل ويتم تلقيها.
* كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .