العدد 5243
الثلاثاء 21 فبراير 2023
banner
دور الترجمة في تحقيق التواصل الثقافي
الثلاثاء 21 فبراير 2023

عندما قرأت ترجمة الدكتور محمد الخزاعي للرواية الشهيرة “مزرعة الحيوانات” لجورج أوريل قبل سنوات، لم أجد ترجمة مثلها على الإطلاق رغم أنني قرأت الرواية لأكثر من مترجم، ولا حاجة لذكر الأسماء، فكل قارئ قد يجد أن هذه الترجمة أفضل من تلك وهكذا، ووجدت أيضا أن ترجمة ادوارد الخراط للكتاب الرائع “سيمون دوبوفوار” لفرانسيس جانسون من أهم مكاسب المكتبة العربية على الإطلاق، وكذلك ترجمة جعفر الخليلي لكتاب “الدراما والدرامية” لـ س. و. داوسن، وترجمة مارون خوري لكتاب “الفلسفة الفرنسية من ديكارت إلى سارتر” لجان فال، وترجمة الدكتور عادل العوا لكتاب “نقد الأيديولوجيات المعاصرة” لريمون رويه، وغيرها من الكتب التي تزدان بها المكتبة العربية.


الترجمة فن وحرفة وهي طريقة لتعريف الشعوب على بعضها البعض، حيث يتعرف الناس في هذا البلد على عادات الناس في ذلك البلد، إلى أعرافهم، تقاليدهم، أفكارهم، آدابهم، سلوكهم، تاريخهم، بل حتى إلى تضاريسهم وجغرافيتهم، ومن هنا كما يقول عبدالكريم ناصيف نرى الدور الكبير الذي لعبته ترجمة الأدباء الروس كتولستوي ودستوفسكي، ومكسيم غوركي في تعريف العالم بهذا الشعب، بطباعه، بأنماط معيشته وأرضه. كذلك الأدب الفرنسي أو الانجليزي، فالكثيرون منا يعلمون عن لندن وباريس من خلال “قصة مدينتين” لتشالرز ديكنز مثلا، أكثر مما يعرفون عن بعض العواصم العربية، ويبرز دور الترجمة في تحقيق التواصل الثقافي هذا على نحو خاص حين تكون حلقات السلسلة متباعدة، أي حين لا يكون هناك تماس مباشر بين شعبين أو أمتين.. في هذه الحالة قد تصل حد الانعدام، إن لم تقم الترجمة بسد هذه الثغرة سدا مباشرا”.


لقد طالت الترجمة العربية كل الآداب العالمية، لكنها مقصرة  - وإلى اليوم - في الاقتراب من الأدب الصيني من شعر، رواية، مسرح، قصة قصيرة، إلا فيما ندر، ولهذا نحن بحاجة إلى نخبة صادقة من المترجمين العرب لإثراء المكتبة العربية وسد الفراغ، فقد امتلأت رفوفنا بالنموذج الغربي الثقافي، والغريب في الأمر، أن الصينيين  “المستشرقين” أتقنوا اللغة العربية بشكل جيد وبدأوا في ترجمة الكثير من الكتب إلى اللغة الصينية.
* كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .