كانت محطة إذاعة الأغاني تحيي ذكرى رحيلك، صوتك يعبئ سماء اليوم فرحا وشاكيا ومتأملا وساخرا، أتنقل معك بين أفكار تلمس القلب إلى أن ظهرت أغنية “الناجح يرفع إيده”.. أعرف الأغنية منذ وعيت كنشيد وطني لكل من عبر بسلام إحدى سنوات الدراسة، لا أعرف لماذا شعرت اليوم بأنها لا تخلو من “التنمر”، احتفاء بالناجحين، يبدو وكأنه يخرج لسانه لمن اختبر الفشل، فليرفع الناجح يده وليفتش الفاشل عن مكان ليختبئ فيه ويداري فضيحته.
اسمح لي يا حليم، لا تخلو حياة الناجح من الاحتفال في كل أشكاله، وربما يستحق غنوة منك تدعمه، لكن كنت أتمنى أن تغني لمن ذاق الفشل لأنه هو الأولى بالدعم، هو الذي يستحق أن تقول له (ولا يهمك)، أن تلهمه بداية جديدة. يقول “سبريتي لوريانو”: كل القصص العظيمة في التاريخ تقوم على تفصيلة درامية واحدة فقط وهي أن البطل لم يستسلم أبدًا. ويقول “تشرشل” إن النجاح هو الانتقال من فشل إلى فشل دون أن تفقد حماسك. ويقول “بيكاسو”: أقوم بالأعمال التي أعرف أنني لن أستطيع يومًا ما أن أفعلها، وإلا كيف سأتعلم القيام بها؟ ويقول “آدم أوسبورن” إن الأخطاء هي أعظم ما يمكن أن تفعله، فلن تتعلم شيئًا من كونك مثاليًّا. “اديسون” نفسه قال: لم أفشل، لكنني اكتشفت أكثر من عشرة آلاف طريقة خاطئة لتنفيذ ما أحلم به.
غنوة تلهم من أخفق أن يجدد نظرته أو كما يقول “هنري فورد”: العوائق هي كل ما تراه عندما تنظر بعيدًا عن الهدف، أو كما يقول له “ديفيد بوليم”: قد تعتقد أنك تفكر من جديد، والحقيقة أن كل ما تفعله هو مجرد إعادة ترتيب لأفكارك القديمة وأحكامك المسبقة. غنوة تقول له ألا يكون شخصا قصير النفس، وهو شخص يقول له “جون ماث”: إن كنت لن تمشي الطريق إلى آخره فلمَ تمشيه من الأساس. وهناك من يفشل لخلل في طريقة تفكيره.
عزيزي حليم.. ليس من اللائق أن أذكرك باستقبال الجمهور لك في أول مرة ظهرت فيها على المسرح ووقفت لتغني، لكنك تعرف جيدا أنه كان فشلا قادك لنجاح عظيم لم يغيبه غيابك أنت شخصيا. محبتي.

*كاتب مصري