على مر أكثر من أربعة عقود، لم ينفك العالم يعرب عن قلقه ومخاوفه من نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية والنهج والسياسة المشبوهة التي اتبعها ويزداد إصرارا على اتباعها مع ملاحظة أنه “أي العالم” لم يقف عند حدود القلق والمخاوف فقط، إنما تعداه إلى ما قد عاناه جراء الدور الذي لعبه ويلعبه هذا النظام في تصدير التطرف والإرهاب اللذين سادا في العالم منذ مجيئه، ولاريب من أن بقاء واستمرار هذا النظام يعني استمرار الخطر والتهديد المحدق بالعالم، والأهم من ذلك أنه لا يمكن أبدا إعادة تأهيله وجعله يتخلى عن نهجه المشبوه بل وحتى انه يعلن جهارا عن إصراره على التمسك به وعدم تخليه عنه مهما حدث وجرى.
في ظل ما ذكرناه والذي هو ليس من نسج خيالنا بل إنه الواقع بعينه، فإن التغيير في إيران واستبدال هذا النظام بنظام آخر مغاير له قلبا وقالبا، يمكن اعتباره بمثابة هدف يتمناه العالم وليس الشعب الإيراني لوحده فقط، وإن الانتفاضة الشعبية العارمة التي تشهدها إيران حاليا وتتواصل في سائر أرجاء إيران بصورة بحيث باتت لا تقلق قادة النظام فقط بل وحتى تجعلهم يشعرون بنوع من الرعب على مستقبل النظام ومصيره، هي بمثابة فرصة فريدة من نوعها بحيث لا يمكن أبدا تعويضها بالنسبة للعالم، خصوصا إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار أن الانتفاضة المندلعة منذ 16 أكتوبر، تتجه لدخول شهرها الثالث ولا يوجد لدى النظام أي أمل في إخمادها والتخلص منها بل العكس من ذلك تماما.
من الخطأ أن يقوم العالم بمقارنة هذه الانتفاضة بالانتفاضات السابقة وتصديق مزاعم وادعاءات النظام الإيراني بإمساكه بزمام الأمور ومن أنه باق ولا يمكن إسقاطه، بل على العالم أن ينظر إلى مسألتين بالغتي الأهمية؛ الأولى استمرار الانتفاضة وعدم تمكن النظام من إخمادها رغم أنه استخدم كل ما بإمكانه بل وحتى زاد على ذلك بقيامه بجلب ميليشيات تابعة له من العراق ولبنان من أجل مواجهة الانتفاضة، أما الثانية فمعنويات أفراد ومراتب قواته القمعية في حالة انهيار كما اعترف بذلك قائد الحرس الثوري للنظام في كتبه السرية للغاية وطالب بالعمل من أجل الحد منها، والكرة الآن في ملعب العالم وعليه أن يغتنم هذه الفرصة بالعمل من أجل دعم وتأييد الشعب الإيراني.