+A
A-

هيئة المستشارين القانونيين بالنواب: لا يجوز البدء بأية إجراءات أو اجتماعات تتعلق باختيار الرئيس ونائبيه قبل الجلسة الإجرائية

صرح الدكتور صالح ابراهيم الغثيث رئيس هيئة المستشارين القانونيين بمجلس النواب أن الشروع في عقد اجتماعات تمهيدية موسعة في أروقة مقر مجلس النواب بين أصحاب السعادة النواب الذين سيشاركون في مجريات الانتخابات أو الترشيحات لمنصب رئيس المجلس ونائبيه، لا يكون سديداً على ضوء التطبيق السليم لمفترضات إجراء العملية الانتخابية التي يتعين أن تتم في الزمان والمكان المحددين للاجتماع في الجلسة الإجرائية الأولى.

وأوضح د. صالح الغثيث أن هيئة المستشارين القانونيين، وانطلاقاً من الإحالة الواردة من معالي السيدة فوزية بنت عبد الله زينل رئيسة مجلس النواب الموقرة، بناء على ملاحظات واستفسارات وردت من قبل عددٍ من أصحاب السعادة النواب، فقد عقدت هيئة المستشارين القانونيين اجتماعها صباح اليوم الموافق 3 ديسمبر 2022 وذلك للنظر في موضوع عقد اجتماعات غير رسمية لمرشحي "رئاسة مجلس النواب " في أحدى قاعات مجلس النواب، وقد خلصت هيئة المستشارين القانونيين وبإجماع أعضاءها، واستنادا لمواد الدستور ومواد اللائحة الداخلية لعمل مجلس النواب، فلا يجوز البدء بأية إجراءات أو اجتماعات تتعلق بهذا الاختيار وقد تحدد مساره في غير الزمان والمكان المقررين لذلك دستورياً.

واضاف د. الغثيث انه وبعد الاطلاع على الدستور واللائحة الداخلية لمجلس النواب فقد لاحظت الهيئة ما يأتي:

أولاً : النصوص  الدستورية والقانونية :
1- تنص المادة (58) من الدستور على أن:" مدة مجلس النواب أربع سنوات ميلادية من تاريخ أول اجتماع له، وتجرى في خلال الشهور الأربعة الأخيرة من تلك المدة انتخابات المجلس الجديد مع مراعاة حكم المادة (64) من هذا الدستور. ويجوز إعادة انتخاب من انتهت مدة عضويته.........".
2- تنص المادة (60) من الدستور على أن:" ينتخب مجلس النواب في أول جلسة له، ولمثل مدته، رئيساً ونائبين للرئيس من بين أعضائه، وإذا خلا مكان أي منهم انتخب المجلس من يحل محله إلى نهاية مدته........."
3- تنص المادة (77) من الدستور على أن:" كل اجتماع يعقده مجلس الشورى أو مجلس النواب في غير الزمان والمكان المقررين لاجتماعه يكون باطلا ً، وتبطل القرارات التي تصدر عنه
‏‎4-تنص المادة (1) من المرسوم بقانون رقم (54) لسنة 2002 بشأن اللائحة الداخلية لمجلس النواب على أن " يباشر مجلس النواب اختصاصاته على الوجه المبين في الدستور، وقانون مجلسي الشـورى والنواب، ووفقاً لأحكام هذه اللائحة.
‏‎5-تنص المادة (2) من المرسوم بقانون رقم (54) لسنة 2002 بشأن اللائحة الداخلية لمجلس النواب على أن " يلتزم أعضاء المجلس فيما يجرونه من مناقشات، وما يتخذونه من قرارات، بأحكام الدستور والقانون وهذه اللائحة.
‏‎6-تنص المادة (4) من المرسوم بقانون رقم (54) لسنة 2002 بشأن اللائحة الداخلية لمجلس النواب على أن "بعد الاستماع للخطاب السامي، يعـقد مجلس النواب جلسته الأولى في دور الانعقاد الأول، ويتولى الرئاسة أكبر الأعضاء الحاضرين سنّـاً، ويساعـده أصغر عضوين حاضرين سنّـاً، وتنتهي مهمتهم بانتخاب رئيس المجلس. 
‏‎7-تنص المادة (6) من المرسوم بقانون رقم (54) لسنة 2002 بشأن اللائحة الداخلية لمجلس النواب على أن “لا يجوز للمجلس في بداية الفصل التشريعي أن يمارس أياًّ من اختصاصاته إلا بعد انتخاب رئيسه ونائبيه".
8- تنص المادة (10) على أن " يتم اختيار رئيس مجلس النواب في أول جلسة للمجلس في بداية الفصل التشريعي، ولمثل مدته، وذلك وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في المادة (60) من الدستور.
وتقدم الترشيحات إلى رئيس الجلسة خلال المدة التي يحددها، وإذا لم يتقدم لشغل المنصب إلا مرشح واحد، أعلن رئيس الجلسة فوزه بالتزكية.
وتكون عملية الانتخاب سرية، وتجرى في جلسة علنية. ويعلن رئيس الجلسة انتخاب رئيس المجلـس، ويباشر مهام الرئاسة فور إعلان انتخابه".
8- تنص المادة (40) من المرسوم بقانون رقم (54) لسنة 2002 بشأن اللائحة الداخلية لمجلس النواب على أن “يتلى في أول جلسة لدور الانعقاد السنوي الأمر الملكي بالدعوة وما قد يكون هناك من أوامر ومراسيم خاصة بتشكيل الوزارة أو تعديل تشكيلها، ثم يؤدى اليمين الدستورية أعضاء المجلس الذين لم يسبق لهم أداؤها .
‏‎8- وتنص المادة (49) من ذات اللائحة على أن " يفتتح الرئيس جلسات المجلس بحضور أكثر من نصف أعضائه، فإذا تبين عند حلول موعد الاجتماع أن هذا النصاب القانوني لم يكتمل أخر الرئيس افتتاح الجلسة نصف ساعة. فإذا لم يكتمل النصاب تؤجل الجلسة إلى موعد لاحق محدد.
وإذا لم يكتمل نصاب انعقاد المجلس خلال مرتين متتاليتين اعتبر اجتماع المجلس صحيحا ، على ألا يقل عدد الحاضرين عن ربع أعضاء المجلس ".


ثانياً : الرأي القانوني:
مفاد ما تقدم أن الدستور قد بين بوضوح  كافة الاجراءات الخاصة بانتخاب  رئيس مجلس النواب ونائبيه وحدد الكيفية التي تجرى بها تلك الانتخابات سواء من حيث الزمان والمكان والنصاب اللازم لشرعية الانعقاد الانتخاب والنسب التي يجب أن يحصل عليها المرشحون لهذا المنصب ومن بعده منصبي نائبي الرئيس  من مجموع الأصوات الصحيحة التي شاركت في عملية الاختيار للفوز بواحد من هذه المناصب ، ومن دون أن يترك  تفاصيل ذلك الى  تحديد تشريعي تتولاه اللائحة الداخلية لمجلس النواب، ومن ثم يمكن القول إن الاجراءات الخاصة بهذا الاختيار الدقيق إنما تعكس أحكاماً دستوريةً مباشرة تقع من الدستور مقام الفريضة  الواجبة التي يهدر ما تناقض معها فلا يقوم بخلاف هذا الواجب أصل معتبر ولا ينتج عن اتباع غير الدستور ثمة أثر، تقديراً من المشرع الدستوري لأهمية المنصب الرفيع الذى يشغله رئيس مجلس النواب ويرافقه في الأهمية ذاتها منصب النائبين وضرورة أن يقع الاختيار منطلقاً من الضمانات الدستورية التي كفلت الترشيح والاختيار من قبل كافة أعضاء مجلس النواب الموقرين ، ومن ثم فإنه لا مساغ للاجتهاد في تحصيل مفترضات كيفية إتمام العملية الانتخابية التي يتوج بها الاختيار لهذا المنصب، وإن الشروع في عقد اجتماعات تمهيدية موسعة في أروقة مقر مجلس النواب بين أصحاب السعادة النواب الذين سيشاركون في مجريات الانتخابات أو الترشيحات لا يكون سديداً على ضوء التطبيق السليم لمفترضات إجراء العملية الانتخابية التي يتعين أن تتم في الزمان والمكان المحددين للاجتماع في الجلسة الإجرائية الأولى.  
 عليه وحيث ان الدستور ومن ثم اللائحة الداخلية للمجلس قد حددا صراحة تاريخ وطريقة اختيار رئيس المجلس ونائبيه لذلك فان كافة الإجراءات التي تتعلق باختيار وانتخاب رئيس المجلس ونائبيه لابد ان تبدأ في أول جلسة للمجلس وفقاً لما حددته المادة (60) من الدستور والمادة (10) من اللائحة الداخلية للمجلس٠
وبالتالي لا يجوز البدء بأية إجراءات أو اجتماعات تتعلق بهذا الاختيار وقد تحدد مساره في غير الزمان والمكان المقررين لذلك دستورياً٠
.وقد انتهت المحكمة الدستورية في مملكة البحرين إلى أن " الدستور هو القانون الأساس الأعلى، الذي يُرسي القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم، ويحدد السلطات العامة ويرسم لها وظائفها، ويضع الحدود والقيود الضابطة لنشاطها، ويقرر الحريات والحقوق العامة ويرتب الضمانات الأساسية لحمايتها، ومن ثم فقد تميّز الدستور بطبيعة خاصة تضفي عليه السيادة والسمو، بحسبانه كفيل الحريات وموئلها، وعماد الحياة الدستورية وأساس نظامها، وحق لقواعده بالتالي أن تستوي على القمة من البناء القانوني للدولة، وتتبوأ مقام الصدارة بين قواعد النظام العام، باعتبارها أسمى القواعد الآمرة، التي يتعيّن على الدولة التزامها في تشريعها، وفي قضائها، وفيما تمارسه من سلطات تنفيذية، من دون أي تفرقة أو تمييز – في مجال الالتزام بها – بين السلطات العامة الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية، ذلك أن هذه السلطات كلها أنشأها الدستور، تستمد منه وجودها وكيانها، وهو المرجع في تحديد وظائفها، ومن ثم تعتبر جميعها أمام الدستور على درجة سواء، وتقف كلٌّ منها مع الأخرى على قَدَمِ المساواة، قائمة بوظيفتها الدستورية، متعاونة فيما بينها في الحدود المقررة لذلك، خاضعة لأحكام الدستور الذي له وحده الكلمة العليا، وعند أحكامه تنزل السلطات العامة جميعًا، والدولة في ذلك إنما تلتزم أصلًا من أصول الحكم الديمقراطي، هو الخضوع لمبدأ سيادة الدستور. وإذ كان خضوع الدولة بجميع سلطاتها لمبدأ سيادة الدستور أصلًا مقررًا وحكمًا لازمًا لكل نظام ديمقراطي سليم؛ فإنه يكون لازمًا على كل سلطة عامة، أيًا كان شأنها وأيًا كانت وظيفتها وطبيعة الاختصاصات المسندة إليها، النزول على قواعد الدستور ومبادئه والتزام حدوده وقيوده، فإن هي خالفتها أو تجاوزتها شاب عملها عيبُ مخالفة الدستور، وخضع – متى انصبت المخالفة على قانون أو لائحة – للرقابة القضائية التي عهد بها الدستور إلى المحكمة الدستورية، بوصفها الهيئة القضائية العليا التي اختصها دون غيرها بالفصل في دستورية القوانين واللوائح، بغية الحفاظ على أحكام الدستور وصونها وحمايتها من الخروج عليها."( ينظر حكم المحكمة الدستورية في مملكة البحرين برقم (ط.ح/1/2020) لسنة (18) قضائية بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأربعاء 9 سبتمبر 2020م، الموافق 21 محرم 1442هـ).