العدد 5133
الخميس 03 نوفمبر 2022
banner
المنهج الذي يجب أن يُدرس
الخميس 03 نوفمبر 2022

صَدْرتَ الطبيبة الدكتورة خولة فؤاد علي كتابها الموسوم بـ "المنهج الذي لا يُدرَّس" بعبارة: لكل شخص يبحث عن هدوء واستقرار نفسي داخلي، متزامن مع إبداع  عصري خارجي.. وذلك عن دار ملهمون للنشر والتوزيع. واحتوى الكتاب بين دفتيه مقاربات علميّة منطقية وأخرى تجارب حياتيّة مرّت بها د. خولة طوال سنوات دراستها الأكاديمية في الولايات المتحدة الأميركية.
 
قبل الولوج إلى فصول وأبواب الكتاب من المهم التأكيد على ان الكتاب صدر كباكورة انتاج أدبي لطبيبة بحرينية خارج تخصصها الأكاديمي الطبي. وبالتالي قد تكون الطبيبة خولة هي الوحيدة في مملكة البحرين التي تصدت للمهمة الأدبية وانجزتها بكل احترافيّة لغوية. الكتاب رغم عمق المعنى إلا ان تبسيط المعلومات بأسلوب أنيق وسلاسة في الطرح ميزة؛ لو كانت من غير طبيب لاعتبرناها إبداع، كيف وقد جاءت من طبيب منكب على متابعة تخصصه باللغة الإنكليزية. وهي اللغة المستخدمة طوال فترة دراسته الأكاديمية. فمن أين جاءت خولة – مع حفظ الألقاب - بهذه اللغة العربية المتمكنة والقلم السيّال؟!
 
الكتاب عميق في معناه دقيق في توصيفاته، علمي في طرحه وواقعي في تحليلاته؛ وسهل في عباراته. ورغم تضمنه منهاجًا متكاملًا عن الحياة وموضوعات عميقة كدلالات المرحلة العليا من الوعي. وهو المرتكز الأساس للمعرفة الذاتية للإنسان. وخير المعرفة معرفة المرء نفسه. ثم تعرج الكاتبة على جوهر المنهج من خلال شرح القيمة الذاتية للمرء. وتسرد في خضم ذلك المطبات التي تواجه الإنسان؛ القلق والتوتر، الشلل والتسويف، التعب والإرهاق، الخوف، الإحباط، التشتت والضياع، والوحدة وعدم الانتماء. ثم تعرج على المطبات مع البشر؛ المنافسة والمقارنة، التنمر والإساءة، التهميش والخلافات، الاستغلاليّة، السطحيّة والتميّز الحقيقي… وكلها لابد وإن الإنسان قد مر بها في حياته، مهما كانت حياته قصيرة أو محدودة. وأخيراً تنتهي بتعريف الشغف الذي قد يقضي المرء حياته وهو لا يعرف شغفه أصلاً أو لا يعمل في شيء قريب من شغفه!
 


اكتشاف الشغف شيئ ليس صعبًا ولكن كيف تحصل على المعلومة في عالم يضج بالمعلومات ويتزاحم فيه الغث والسمين؟! فأنت تدخل النت وتكبس زر "غوغل"… تأكد أن "غوغل" لن يجيبك عن الشغف! ولكن سيحولك إلى زبون لأحد عملاءه الذين نشروا إعلاناً عن دورة/ ورشة/ محاضرة تتحدث عن الشغف! تدخل الإعلان سوف تجد معلومات بسيطة مغرية عن أهمية معرفة الشغف والمشكلة التي تواجه الإنسان الذي لا يعرف شغفه…! المهم، في الأخير تضطر للتسجيل في دورة من مثل: كيف تعرف شغفك؟ أو تعرف على الشغف قبل موتك؟ أو أي إعلان ترويجي صادم/ جاذب يحولك إلى خانة إدفع لتحصل على معلومات أكثر… وهكذا. د. خولة استطاعت ببراعة أن تنزع كل هذه القشور وبذهن صافٍ ويراع رشيق وعبارة أنيقة لتكشف وتقرر الشغف في كلمات قليلة "هو الشيء الذي يملؤك من الداخل، ويغمره بشعور من الاكتفاء.. بغض النظر عما إذا كان هذا العمل يشكل مصدرا كافيا للدخل، أو يحظى بموافقة أسرية أو مجتمعية؛ هو اللحظات التي تمر بدون أن تشعر بها، هو العمل الذي لا يغدو عملا، تمارسه في إجازتك ووقت فراغك بكل حب". منقول من الكتاب بتصرف.
 
بصدد هذا الكتاب نوجه نداء لوزارة التربية والتعليم، ليس في البحرين فقط وإنما في دول الخليج والوطن العربي بأن يتبنوا هذا الكتاب ضمن مناهجهم التعليمية. فهو منهج يجب أن يُدرس في مدارسنا. هو كتاب يصلح للكبار والصغار. لمن أقبل على الحياة أو انتصف به العمر أو من هو لحد الآن يحاول معرفة الطريق، يصلح هذا الكتاب للأم لاكتشاف شغف الأبناء. ويصلح لمن هو على مقاعد الدراسة في الإعدادية أو الثانوية، ويصلح لمن تخرج من المدرسة أو هو عاطل عن العمل أو يعمل. لمن بلغ الستين أو أكثر من عمره. يصلح للجميع والجميع يحتاجه!
 
اصدار كتاب بهذا المستوى الرائع هو محل فخر ونجاح حقيقي يستحق الإشادة والاعتزاز. شكرًا د. خولة على هذا الكتاب القيّم والإضافة الرائعة للمكتبة البحرينية وللقارئ العربي. مع خالص تمنياتي بمشاهدة الكتاب وهو يحلق في سماء العالمية مترجمًا إلى لغات عدة.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .