العدد 5118
الأربعاء 19 أكتوبر 2022
banner
ما وراء الحقيقة د. طارق آل شيخان الشمري
د. طارق آل شيخان الشمري
عندما يرحل الشتاء
الأربعاء 19 أكتوبر 2022

الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا ستلقي بكل تبعاتها وآثارها ونتائجها ليس فقط على موسكو وكييف، بل على بقية دول العالم وأغنيائها وفقرائها، والتناقض هو سيد ما يجري الآن من اختلاف المسميات إلى اختلاف الأهداف والمصالح، فما يجري في أوكرانيا تسميه موسكو “عملية خاصة”، وبالمقابل تسميه واشنطن والغرب ودول السبع غزوا روسيا، والمصالح تغيرت وتمت إعادة صياغتها من جديد، فدول جديدة أبدت رغبتها بالانضمام للناتو، وبالمقابل تعالت الأصوات الأوروبية الرافضة لهيمنة واشنطن ولندن على القرار والسيادة الأوروبية، ودول كانت متحالفة مع واشنطن، نراها الآن تقدم مصالحها على تحالفها مع واشنطن كما الحال مع دول الخليج.
واشنطن والغرب أعلنوا عقوبات قاسية على موسكو ودعما ماليا وعسكريا لأوكرانيا من أجل تكبيد الروس أقصى درجات الخسارة سياسيا أم اقتصاديا، والأهم الخسارة العسكرية، وضمن العقوبات التي تم فرضها على موسكو على مصادر الطاقة النفط والغاز والفحم، وعمل الأوروبيون على التقليل أولا من الاعتماد على الغاز والنفط والفحم تمهيدا للوصول إلى الرقم صفر من استيراد هذه المصادر من موسكو.
لكن الخطوة الغربية هذه بمثابة علاج كيماوي لمريض سرطان، حيث لا يخلو هذا العلاج من المضاعفات التي قد تنهي حياة هذا المريض، وهذا ما يحدث الآن وباعتراف الأوروبيين أنفسهم، فجراء هذه العقوبات ارتفعت أسعار النفط والغاز والفحم لدرجة أنها بدأت تضر المواطن والمستهلك الأوروبي، وظهرت احتجاجات ومظاهرات تتذمر من الارتفاع الكبير في هذه المصادر، وتم إغلاق العديد من محطات البترول، وطالبت الحكومات الأوروبية مواطنيها وشركاتها بالتقليل من استخدام هذه المصادر قبل قدوم الشتاء الذي تراهن عليه موسكو بأنه سيكون أحد الأسلحة التي ستكسر ظهر الدول التي طبقت العقوبات، فهي تراهن على خروج مظاهرات وتنديدات بالدعم الاوروبي لأوكرانيا على حساب المواطن الأوروبي، وتراهن أيضا موسكو على أن هذه المظاهرات والأسعار الباهظة لمصادر الطاقة والتضخم والركود ستطيح بالحكومات التي فرضت العقوبات على موسكو، وبالتالي فإن هذه العقوبات أضرت بالأوروبيين قبل الروس.. فهل ستتحقق رهانات موسكو وتخسر أوروبا أكثر من خسارة موسكو نفسها؟ والجواب سيكون بعد رحيل الشتاء.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .