العدد 5109
الإثنين 10 أكتوبر 2022
banner
ما وراء الحقيقة د. طارق آل شيخان الشمري
د. طارق آل شيخان الشمري
شعارات الابتزاز
الإثنين 10 أكتوبر 2022

في عالم السياسة يصبح الباطل حقا ويصبح الحق باطلا، وتصبح سيادة الدول وتمسك مجتمعاتها بهويتها الثقافية والاجتماعية إرهابا، وتصبح العمالة وفقدان الهوية الوطنية والشذوذ وبيع خيرات الوطن مثالا لحقوق الإنسان.

وهذا الأمر شائع وجزء من الثقافة والمبادئ السياسية للدول الكبرى، فحقوق المرأة وحرية التعبير وحقوق الإنسان مثلا لم يتم التطرق لها ضد إيران خلال العقود الماضية، لأن الأمر لا يصب في صالح الدول الكبرى التي غضت طرفها عما فعلته طهران بالعالم العربي، لكن حينما تعثرت مفاوضات الاتفاق النووي بين الدول الكبرى وطهران، قامت دول الاتحاد الأوروبي وواشنطن ولندن بتدشين حملات سياسية وإعلامية وحقوقية ضد انتهاكات حقوق الإنسان والمرأة، كوسيلة ضغط على طهران للرجوع إلى الاتفاق النووي وتوقيعه.. ومتى ما تم توقيع الاتفاق النووي، فسيتم إخماد هذه الحملات ونسيانها، ولتذهب حقوق الإنسان والمرأة والإنسان في إيران للجحيم، هذا شيء طبيعي في عالم السياسة القذر، فالمصالح تحرك هذه الشعارات وتخنقها.


مثال آخر لتحكم المصالح في قضية حقوق الإنسان والمرأة والإعلام، وهو مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي والابتزاز الذي مارسته واشنطن وباريس ولندن وبون وأوتاوا وأنقرة ضد الرياض، وقد كان ابتزازا سياسيا وحقوقيا واقتصاديا وعسكريا وإعلاميا واجهته الرياض بملحمة سيتذكرها العرب الآن ولاحقا في كيفية صفع هؤلاء المبتزين.


في النهاية تساقطت قطع الدومينو وجاءوا للرياض يطلبون العفو كل حسب حجته، وسمحوا ببيع الأسلحة لها، والتي منعوها عنها بالسابق، فجاءت لندن إلى الرياض تطلب الصفح وتريد زيادة إنتاج النفط، وأيضا جاءت باريس تبتسم وتقول: “أنتم أصدقاؤنا وهيا نوقع صفقات لمصلحتكم ومصلحتنا”، وجاءت أنقرة تطلب العفو تحت حجة الوحدة الإسلامية بعد أن أدركت أن العرب ليسوا كعبيد العثمانيين الإخوان المسلمين، وجاءت واشنطن ترجو زيادة إنتاج الرياض من البترول بذريعة المشاركة بمؤتمر جدة. وأخيرا جاءت بون للرياض قائلة: “لقد ذهبت ميريكل ونحن اليوم أصدقاء”. الخلاصة أن الرياض انتهجت خيار المواجهة الصلبة في كيفية التصدي للابتزاز وشعاراته وآخرها خفض أوبك بلس قائلة لهم: “لا تحاولوا ابتزاز العرب من الآن وصاعدا”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .