لم يواجه النظام الإيراني موقفا صعبا ومعقدا وشائكا كالذي يواجهه في الانتفاضة الحالية للشعب الإيراني، والتي لم يتمكن من إخمادها على الرغم من أنه أطلق العنان لكل ما بوسعه من أجل السيطرة عليها وإخمادها، ولعل أكثر ما يؤرق النظام ويقلقه إلى أبعد حد، هو أن هذه الانتفاضة وحدت الشعب الإيراني بمختلف أطيافه ومكوناته ضد النظام، ولم تعد تسمح له بأن يستخدم ‌تهمه الجاهزة بتهديد وحدة التراب الإيراني وكل ما يصب بهذا الاتجاه، ذلك أن جميع مكونات الشعب الإيراني تنظر إلى عدو واحد يقف أمامها ويتجلى في نظام ولاية الفقيه وفي شخص الديكتاتور خامنئي.
النظام الذي يحاول من خلال توجيه تهمه السمجة والسخيفة إلى المنتفضين بوجهه والسعي من أجل تخوينهم باعتبارهم عملاء لدول خارجية، وهو كأي نظام ديكتاتوري معاد لشعبه يصر على تجاهل ظلمه وجوره وجرائمه ومجازره وانتهاكاته الفظيعة بحق الشعب الإيراني ويكتفي فقط بتخوين كل من يقف بوجهه ويرفضه ويريد إزاحته عن حكم قمعي غاشم أذاقه ويذيقه الويل والثبور.
قيام النظام بقتل ما يزيد على المئتين وإصابة المئات بجروح واعتقال الآلاف واستخدامه الرصاص الحي في مواجهة المنتفضين العزل، وكما يبدو واضحا ممارسة القمع المطلق من جانب هذا النظام الذي يسعى من خلال توظيفه العامل الديني إلى جعل الشعب المنتفض هدفا مشروعا ومباحا له تماما كما فعل مع آلاف من السجناء السياسيين في مجزرة صيف عام 1988، بل إنه عندما يقوم بالتركيز على دور وتأثير مجاهدي خلق في هذه الانتفاضة، فإنه يريد علنا الإيحاء بأن المشاركين في هذه الانتفاضة لا يختلفون قيد أنملة عن آلاف من الذين تمت تصفيتهم في تلك الجريمة النكراء، وإن المجتمع الدولي مطالب بأن لا يسمح لهذا النظام الأرعن بأن يقوم بتصفية المتظاهرين ضده وفقا لمعاييره الضيقة التي تستند على أسس من نظرية ولاية الفقيه الاستبدادية المشبوهة والمرفوضة من جانب الشعب الإيراني قبل غيره.
للشعب الإيراني حق الدفاع المشروع عن نفسه أمام هذا القمع البربري الهمجي الذي يستخدمه النظام على مرأى ومسمع العالم كله، وكيف لا وأجهزته القمعية تستخدم الذخيرة الحية ضد المنتفضين العزل ويقوم باعتقال تعسفي للآلاف من أبناء الشعب واقتيادهم إلى المعتقلات والقيام بتصفيتهم ومن ثم الزعم بأنهم انتحروا!.