العدد 5091
الخميس 22 سبتمبر 2022
banner
المناهج الدراسية بين الكم والكيف (4)
الخميس 22 سبتمبر 2022

سؤال ملح لطالما تبادر إلى الأذهان، كلما رأيت أفواج الخريجين من طلبة الثانوية العامة وهم يخرجون إلى الميدان، يا تُرى كم طالبا منهم سينجح في اختبارات القبول بالجامعات، على شاكلة "توفل وآيلس" أو غيرها، فهي ضمن المتطلبات وبمعدلات عالية قبل التسجيل في معظم الجامعات تقريباً، وأحسب الجواب لا يخفى على كل متابع، فمعظم الذين عبروا بوابات الجامعات إنما كانت بمجهوداتهم الشخصية وليس نتاج تحصيلهم الدراسي إلا النزر اليسير، هذا واقع يجب أن نلتفت إليه، قبل أن نضع اللوم على الطلبة أو طاقم التدريس.

السؤال مازال قائماً، كم عدد الخريجين المؤهلين فعلاً لخوض بيئة تعليمية جديدة، دون اللجوء لدورات تأهيلية مكثفة؟ وبمعنى أدق، هل ترقى حصيلتهم الدراسية بعد مشوار 12 سنة من الدراسة بالمدرسة، لمجابهة الحياة الجامعية ومتطلباتها؟ أحسب الجواب واضحا في إعلانات دروس التقوية وانتشار العديد من المعاهد الخاصة، كملاذ يفرض نفسه أو كبديل لا مفر منه أمام واقع مشاهد، بل ومقروء قبل ذلك في نظرات أبنائنا الخريجين أنفسهم بما لا يقبل المزيد من الاستعراض والتمويه، ولسان حالهم يتساءل! ها قد رجعنا "بخفي حنين".

كان الأجدر بنا قبل أن نبالغ في الاستعراض أن نكون على قدر من الاستعداد، وأفضل ما يمكن فعله – من باب الإنصاف - قبل تعميم بعض المواد وإرهاق كاهل الطلبة بالمهمات، أو زيادة ساعات الدوام وتقليص وسائل المواصلات والخدمات، هو أن يتم تطبيقها أولاً على كوكبة من متخذي القرار وعلى أعضاء اللجان من المستشارين وغيرهم ممن يقبعون بالأدوار العليا، وليرتشفوا منها أولاً قبل غيرهم، وليقفوا موقف المعلمين والمعلمات قبل محاسبتهم، وليراعوا قدرة الطلاب والطالبات قبل فرضها عليهم! فإن نجحوا فيها وتخطوها فلهم ذلك، أما أن يفرضوها وهم بمنأى عنها فلا يجوز، فليس الكل لديه سائق خاص عندما يتعارض وقت المدرسة مع وقت الدوام، وليس الجميع لديهم من ينوب عنه في حل الواجبات وطهي الطعام عندما يصل البيت بعد فوات الأوان، وأحسبهم يعلمون جيداً أن الاستيعاب يختلف بل ينعدم عندما يتجاوز عدد الطلبة "30" طالبا في الفصل الدراسي الواحد، ناهيك عن انعدام أو تردي الخدمات اللوجستية والطبية وغيرها حيث لا تُقارن بمدارس البلدان التي يستوردون منها أفكارهم، وحسبنا من كل ذلك أن نعي الحكمة القائلة، "إذا أردت أن تُطاع.. فاطلب المستطاع".

وبهذا المقال – الرابع - نطوي صفحة المناهج الدراسية، علماً أن كل ما ذُكر في المقالات السابقة، لم يكن سوى مقتطفات وإشارات نحسبها تكفي ذوي الألباب وهم كُثر، فليس هنا مجال طرح التفاصيل والعروج على كل المسببات والعراقيل، ولعلنا نتناول في مقالات لاحقة مواضيع تتعلق بالتوقيت المدرسي وآثاره على التحصيل العلمي.

آملين أن ينبري رجل رشيد، يعيد أمجاد الحقبة التعليمية التي بدأت منذ افتتاح أول مدرسة نموذجية بالبحرين، "الهداية الخليفية" وكانت أنموذجاً في نشر المعرفة وتدشين ركائز العلم النافع، فقد كانت نبراس هداية للأجيال المتعاقبة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية