الذين يتصورون أنّ مهنة المعلم سهلة ويسيرة لا شك أنهم واهمون بكل تأكيد.. إنّ التعليم عمل شاق بحاجة إلى توفير الأجواء المساعدة، والتي في مقدمتها العامل النفسي، وكم نظلم هذا الإنسان عندما نرهقه بأعباء تفوق قدراته، بيد أنه ينهض بها على خير ما يرام. لكن الذي يحز في نفس المعلمين ويسبب لهم الآلام النفسية والجسدية، ويحول أعصابهم إلى رماد عندما لا نكافئهم بما يستحقون نظير جهودهم الكبيرة، فالمعلم هو أيضا إنسان وليس روبوتا أو آلة أوتوماتيكية بلا أعصاب.
إنّ قضية المعلمين التي لا يراد لها الحل حتى اللحظة أنهم يمارسون مهماتهم التعليمية طبقا لنظام استحدث قبل سنوات (تمديد الدوام)، لكن فوجئوا أنهم بدون مقابل مادي! قد يكون الأمر محتملا لو أن انتظارهم شهرا أو شهرين أو حتى بضعة أشهر، أما أن يبقى المعلمون بلا علاوة تمديد الدوام المدرسي لسنتين ونصف، وربما لأجل غير معلوم، فإنّ هذا يبعث الألم في نفوسهم ويجعلهم في دائرة القلق، بل تخيم عليهم سحابة الحزن آناء الليل وأطراف النهار.
المعضلة الأكبر أنّ المعلمين أخذوا يصرخون من وضعهم الخانق حد الضجر، لكن يبدو أن لا أحد يسمع صراخهم ولا أحد يشعر بألمهم ولا أحد يدرك حجم معاناتهم، فقبل أيام عقد مدير عام شؤون المدارس بوزارة التربية والتعليم محمد مبارك جمعة اجتماعا تطرق فيه إلى كل ما يهم العملية التعليمية من ثغرات، وكانت له تصريحات كثيرة في مختلف وسائل التواصل، لكن فيما يخص علاوة تمديد الدوام المدرسيّ كانت إجابته “إنها قيد الدراسة”!! هذه الإجابة جاءت مخيبة لآمال المعلمين والمعلمات، ذلك أنه لم يحدد فترة زمنية للبت فيها، ما يعني أنها قابلة للبقاء ربما عاما آخر وأكثر، وبالطبع هذا يبعث القلق في نفوسهم.
إنّ هذا الاتجاه في التعاطي مع قضايا تهم الهيئات التعليمية يجعل الحزن يتسرب إلى نفوسهم ويعزز قناعتهم بأنّ وزارة التربية والتعليم غير مهتمة بحل معضلاتهم، وإلا هل بوسع الوزارة القول إنها أوفت بالتزاماتها تجاه المنتسبين إليها من معلمين ومعلمات؟ ويبقى القول طالما بقيت مسألة علاوة التمديد دون حل فإنّ المعلمين في قلق بالغ. ثم إنّ المعلمين لم يطالبوا بأكثر من حق من حقوقهم، ولا يجب تصنيف طلبهم بالمستحيل.