بكل تأكيد نحن أصبحنا على طريق الصواب، نمشيه بخطىً واثقة، ونؤديه بأعلى روح مؤمنة، بالتأكيد على الدرب الطويل نسير، وبين أقدامنا حزمة تجارب، وهمم لا تثنيها مشقة، ولا تعود بها إلى الوراء معضلة.
منذ أيام قلائل تم إلغاء إلزامية معادلة الشهادات الصادرة بالخارج وتفويض الجامعات المحلية بالتصديق على هذه الشهادات.
هذه هي الاستقلالية في أبهى صورها، وهذا هو الدور الطليعي الطبيعي الذي سوف تلعبه الجامعات البحرينية لكي تعتلي المملكة سدة التنوير في المنطقة، ونحمد الله ونشكر فضله أنه جاء اليوم الذي نشهد فيه كرجال تعليم هذا القرار، وتلك الخطوة الواسعة على طريق تسهيل الإجراءات وتقديم أفضل الخدمات للمواطنين والمقيمين لاسيما ما يرتبط منها بقطاع التعليم.
القرار لم ينس الشهادات الصادرة من خارج البحرين، حيث أوضح بأنه تم إلغاء إلزامية معادلة هذه الشهادات والاكتفاء بالتحقق من صحتها عبر شركات متخصصة في التدقيق على صحة المؤهلات الموصى بها من وزارة التربية والتعليم.
الخطوات غير المسبوقة هي التي سوف تفك الأحزمة التي كبلت التعليم في بلادنا لسنوات طويلة، وهي التي سوف تدفع بالطلبة؛ لكي يتوجهوا إلى جامعاتنا الوطنية لتلقي العلوم والفنون والآداب بكل أريحية، تلك هي الثقة التي أعادت الروح لجامعاتنا، وتلك هي القفزة الهائلة التي كان يعرقل عدم القيام بها توجهنا نحو إيجاد مخرج مما يعيق تحول المملكة الغالية إلى بوسطن الخليج.
لقد أيقنت وأنا بطبعي متفائل أنه عام 2022 -2023 سوف يأتي بما هو ملائم لأوضاعنا التعليمية، وأن صانع القرار في البلاد يدرك أهمية صناعة التعليم كحجر زاوية مؤثر في بناء العقل الجمعي للمجتمع، وأن هذه الصناعة على المستوى الاقتصادي سوف تدر عوائد ضخمة تفوق عائدات النفط والصناعات الاستخراجية، بل إن تحول البحرين إلى سنغافورة الخليج كهدف أكبر بحلول 2030 وفقًا لرؤية حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم، وولي عهده الأمين رئيس الوزراء حفظهما الله، سوف يتحقق لنا ما ننشده من نماء مستدام، واستقرار في الأنظمة واللوائح، واستلهام العبر والدروس من تجارب الذين سبقونا، بل ومن تجاربنا نحن.
إن التعليم العالي في بلادنا مرشح في هذا الوقت بالذات وأكثر من أي وقت مضى لكي يشهد نقلة نوعية لم يشهدها في تاريخه، فلدينا من الخبرات المتراكمة، ومن الدماء الجديدة الجسورة، ومن المؤسسات القادرة ما يعيننا على مشقة الطريق، وعلى استنباط محاولات محدثة مقاومة لمعاول الهدم ومعززة لمعاول البناء، لدينا مثلاً من المعارف ما يؤكد أننا نجحنا في نقل التقنية الفارقة، ونجحنا في الامتحان الصعب عندما أزفت الآزفة وهجمت علينا جائحة كورونا بأن تستمر مدارسنا وجامعاتنا في ممارسة دورها العلمي والتنويري باستمرار الدراسة عن بُعد ومن دون أي انقطاع.
ونجحنا في أن نكتسب ثقة العالم بأن لدينا مؤسسات طموحة تستطيع أن تعمل في أحلك الأجواء، وأننا بعون الله وحفظه يمكننا أن نحقق الأكثر في المستقبل القريب، طالما توفرت لدينا قيادة حكيمة وحكومة قديرة، ومؤسسات تفهم ما نصبو إليه.
إن قرار إلغاء إلزامية معادلة الشهادات الصادرة بالخارج قد جاء بردًا وسلامًا على المنظومة التعليمية بأكملها، وحقق في الوقت نفسه طموحًا يقضي باختصار الإجراءات نحو التسجيل والقبول بجامعاتنا، وتصويب المسار الذي تأكد لنا أننا نمضي على دربه وهداه، وأننا بعون الله سنصل.