العدد 5071
الجمعة 02 سبتمبر 2022
banner
أنا إنسان.. وإنها الحياة
الجمعة 02 سبتمبر 2022

هي حادثة تقع وتتكرر كثيرًا في دول مختلفة، عندما يتورط بعض كبار المسؤولين في تصرفات لا تنسجم مع طبيعة المناصب التي يشغلونها وتكون صيدًا سهلاً للكاميرات ومحلاً للانتقادات والاتهامات، فقد تفجرت أزمة لرئيس وزراء إحدى الدول الأوروبية عقب نشر مقاطع فيديو وصور له أثناء حفلة خاصة وصفت بالصاخبة وبالفضيحة الأخلاقية التي كادت تطيح بمستقبله السياسي.
كان لانتشار مقاطع الفيديو وقعًا صادمًا على المسؤول الذي أقر واعتذر عن الصور غير اللائقة، وحاول الدفاع عن نفسه وكسب تعاطف الناس معه بالتأكيد على أنه لم يقصر في أداء المسؤولية الملقاة على عاتقه، قائلا: “أنا إنسان، في خضم هذه الأوقات المظلمة، أفتقد أحيانا الفرح والنور والمرح، وهذا يتضمن أنواعا معينة من مقاطع الفيديو والصور التي لا أرغب في رؤيتها، وأعلم أنك لا ترغب في رؤيتها. إنه خاص، إنه ممتع، إنها الحياة”.
كان رد فعل المسؤول ذكيًا للدرجة التي قد تزيد شعبيته، لكنه بالنهاية يثير موضوعًا مهمًا وهي العلاقة بين مسؤولية الإنسان وحريته، فهي علاقة تبدو عكسية، فالإنسان العادي يتمتع بمساحة واسعة من الحرية، ولديه مدى كبير من الممارسات دون أن يكون محلاً للاهتمام أو المحاسبة من قبل المجتمع، بينما الشخص المسؤول عليه أن يكون أشد حرصًا واهتمامًا بسلوكياته وتصرفاته قبل الإقدام عليها، ويعلم أنها ستكون تحت مراقبة الجمهور، وكلما ارتفع المنصب قلت الحرية وضاق نطاقها، وهذا أمر طبيعي، لأن هؤلاء الناس يؤثرون على المجتمع بتصرفاتهم وقراراتهم وجميع تحركاتهم، لذا يجب أن تكون محسوبة بدقة وبميزان المجتمع حتى لا تسيء للمسؤول.
كل من يتولى منصبًا مهمًا أو يختار العمل في مجال حساس أو له هيبة أو يشغل مكانًا مؤثرًا في المجتمع، عليه أن يعلم أنه سيكون تحت المنظار طوال الوقت، وأن هذا المنظار لن يفرق بين حريته الشخصية ومقتضيات مهماته ومسؤولياته، وأنه هو الذي اختار هذا الوضع عندما قبل المنصب.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .