العدد 5068
الثلاثاء 30 أغسطس 2022
banner
د.حورية الديري
د.حورية الديري
التنين الخرافي
الثلاثاء 30 أغسطس 2022

اختلفت العديد من الأقاويل حول “التنين”، وذلك في الأساطير والقصص المتعلقة بثقافات الشعوب، والتي وصفته بأنه كائن كبير له أجنحة أو نوع من الزواحف ينفث النار من فمه، كما تعددت التفسيرات في عصرنا الحديث التي تقول إنه يشبه السحلية الضخمة أو الثعبان، وبسبب الانتشار الرهيب الذي حظي به التنين في العالم من الشرق إلى الغرب، أجرى الباحثون العديد من الدراسات لمعرفة فيما إذا كان التنين حيوانا أسطوريا أم حقيقيا، حيث لم تكن تخلو ثقافة من قصص التنين، ذلك الوحش الرهيب الدموي كما يقولون، لكن المشككين يؤكدون أنه لا وجود لهذا الأمل الذي يزعمه الباحثون لأنه حيوان خرافي لم يرد ذكره إلا في الأساطير.
ومن هنا أعزائي قراء عمود عالم متغير، فإنني رحت أجري ناحية بعض الشخصيات التي تستخدم قوتها في التسلط بفرض آرائها لإجبار من حولها على مسايرتها في كل أمر، وإلا فالقطيعة والعقاب تترقبهم، كذلك هي شخصية التنين بالضبط، وإذ إنني أرى أنه لا خير في تسطير روايته أصلاً وكل ما جرى حولها من اختلاف، إلا في نقل الوعي التام بأهمية تهذيب الصفات الشخصية وتنميتها إيجابًا. فكما يعتبر الباحثون التنين كائنا أسطوريا خرافيا لا وجود له إلا في الأساطير المروية، فقد توقفت أمام الاختلاف حول رمزيته، وأراكم كذلك في فسحة التأمل الآن.. فشخصية التنين ترى في نفسها السيطرة والنفوذ، خطيرة في أذاها، لا تعرف معنى تقدير الذات، فلا تحسن تقدير الآخرين، سيئة العشرة تمامًا، لذلك فالحذر واجب من أية شخصية ترونها هائجة تارة وزاحفة تارة أخرى لا هم لها إلا أن تتضخم وتعيش حياة أطول، فهناك من يعتبر التنين من الحيوانات المعمرة. شخصية التنين، تعشق النار والتمرد، وجودها غير حقيقي، وما نيرانها إلا أذى يشتعل ليأكل وجودها في حياة تبدو أجمل بالمحبة بين المخلوقات.
وهذه رسالة مقصودة لمن يعرف فعليًا أنه كالتنين الخرافي بأخلاقه الزائفة التي تجني عليه بالأساس، كما يلحق فتات نيرانه الآخرين، فيزهو بهم ناحية الأمل الجديد، كي تبدأ بهم حكاية أخرى نحو دحر قوى شخصية وهمية، لأنها حراقة ذاتها لا غير، لذا فالحديث عن خرافة هو خرافة أصلاً.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية