العدد 5024
الأحد 17 يوليو 2022
banner
الموجة السابعة .. والعام الجامعي الجديد
الأحد 17 يوليو 2022

يبدو أننا مع تضخم أرقام الإصابات بفيروس كورونا، ومع دقة الإحصاءات التي تهيئ الأجواء بأن الموجة السابعة من الجائحة لم تعد ببعيدة عنا، فإننا قد نواجه سنة جامعية أخرى تنتصر فيها الخيارات المتعددة على التعليم عن قرب، صحيح أننا نجحنا بامتياز في اجتياز تجربة الغلق، وفي إنجاز الاستبدال المثير بالتعليم عن بُعد، وصحيح أننا نمتلك من التقنيات الحديثة، ومن آليات وأدوات التعاطي معها ما يوفر الشكوى، ويضيق الخناق على تفاقم سلبيات التباعد، لكن الأكيد أننا وخلال السنتين الماضيتين قد مررنا بالعديد من التجارب، واستفدنا بالعديد من الدروس التي تمكننا من التعاطي مع موجات أخرى أكثر شراسة من التي واجهناها من قبل.
ونحن على بُعد ستة أسابيع ربما من عام دراسي “جائحي” جديد نستطيع أن نلتمس الأعذار لأنفسنا لو أن التوقعات برحيل الجائحة قد باءت بالفشل، وأن الأمل الكبير في ذهاب مع الريح للفيروس المتحور اللعين، قد بات أكثر ضعفًا من الهجمة الصيفية المريعة التي باغتت عدة دول في العالم ومن بينها البحرين، حيث الاحتراز وقد فقد هيبته، واستخدام الكمامات وقد ووري الصناديق، والمطهرات بأنواعها المختلفة وقد أصبحت غير ضرورية.
وزارة الصحة ومن قبلها الفريق الوطني مازال يطلق تحذيراته بأننا أمام هجمة أوميكرونية شرسة، قد تكون أقل فتكًا، لكنها أكثر انتشارًا، قد تصبح أضعف ميراثًا، لكنها سوف تُقلق مخادعنا.
الجائحة لم تعد مقصورة على البحرين ولا على إجراءاتها وتحفظاتها على الانفتاح الكبير، والفيروس لم يعد متحورًا من تلقاء كينونته، بقدر ما هو متحور بفعل عوامل بيئية وممارسات إنسانية، وظروف مناخية.
في الماضي كانت كورونا قاب قوسين أو أدنى من أي إنسان، ولدرجة أن أية هفوة يمكن أن تودي بحياة هذا الإنسان، وأن أي ثغرة يمكن أن ينفذ منها هذا الفيروس المريب قد تسبب خسائر ضخمة للبشر والحجر وما خفي كان أعظم.
اليوم وقد تناقصت أعداد الوفيات بين المصابين وهؤلاء الذين يستقلون قطار العناية المركزة السريع نحو الشفاء، أو نحو القضاء والقدر، جميعها أرقام مازالت في حدود المقبول، وجميعها قد لا تدفعنا خلال أسابيع نحو تشديد التقنيات وتجهيز المعامل وإقامة الحواجز والسواتر المناعية؛ من أجل الحصول على الجرعة الرابعة من “الفاكسين” المضاد، والجرعات اليومية من العقاقير التي ترفع معدل المناعة عند الشباب والمسنين على حد سواء.
و.. قد يكون الإعداد والتجهيز في الجامعات لعام “أون لاين” آخر بمثابة التباعد الاجتماعي الأكثر أمنًا، والأقل خطرًا على صحة الطلبة وحياة الأساتذة، والأجهزة الإدارية والأكاديمية المختلفة.
و.. ربما يكون الاحتراز المضاعف معول بناء على التقنية المحدثة، وعامل إيقاظ للإمكانات التي تمتلكها جامعاتنا والتي تبشر دائمًا باستخدام تقنية الهولوجرام مكان الـ “تيمز”، والـ “وجهًا لوجه” محل التخفي خلف “الأون لاين”، هنا يمكن تحقيق الإحلال والاستبدال، ويمكن تمكين الجامعات من الدخول إلى حلول ذكاء اصطناعية أكثر تقدمًا وأكثر تكلفة في نفس الوقت.
مشكلتنا قلة الطلبة الملتحقين بالجامعات الخاصة في ظل عدم التوازن بين العام والخاص، والقضية عويصة وأشبعناها بحثًا، بل وتعبنا من تكرار ما نتحدث عنه إزاء ضالتنا المنشودة من فهم أعمق لمنظومة التعليم الجامعي، تقدير أكبر لدور الجامعات الخاصة في تحقيق البنيوية المثالية للتعليم الأكاديمي وتطويق أسواره بالرعاية وليس بالحواجز الشاهقة، بالأدوار الملعوبة بإتقان، وليس بالمشكلات المصطنعة كل حين.
كورونا أو التقنية أو تكلفتها الباهظة ليست مشكلة، المشكلة مثلما أشرت في ذلك التفاهم المطلوب بين من يتخذ القرار ويصنعه ومن يتلقاه ويحرص على تطبيقه، بين من يراقب كشريك ويُشرع كمسئول، والآخر الذي يطلب الاستقلالية والانفراد بالتشغيل، حيث المسئول ليس مُشغلاً ولكن المُشغل لابد وأن يكون مسئولاً، والحديث يطول ويطول.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .