العدد 5018
الإثنين 11 يوليو 2022
banner
ما وراء الحقيقة د. طارق آل شيخان الشمري
د. طارق آل شيخان الشمري
هويتنا وهويتهم
الإثنين 11 يوليو 2022

من أعظم وأنبل المفاهيم الوطنية والدينية مفهوم الهوية، فمعنى وتأثير الهوية الأساس الأول لوجود الدولة والمجتمع والكيان والإنسان نفسه واستمرارهم بالوجود بهذا العالم، فالمسلم.. أساس هويته الإسلام، والعربي.. أساس وجوده بعد الإسلام الهوية العربية كاللغة والتاريخ والقرآن العربي والرسول العربي، بالإضافة للعرب المسلمين الأوائل الذين نشروا الإسلام لكل شعوب الأرض، وبالنسبة لنا فإن مفهوم الهوية العربية الإسلامية ـ وليس مفهوم القومية العربية الدكتاتورية التي اكتوينا بها طوال العقود الماضية، أساس وجودنا.
أما “الشعوبيون” - كالصفويين والعثمانيين الجدد - فلديهم اعتزاز وتطرف في هوياتهم القومية، وليس الهوية الإسلامية طبعا، فالهوية القومية للصفويين والعثمانيين الجدد تطغى على الهوية الإسلامية، عكس العرب المسلمين الذين يعتبرون الهوية الإسلامية والعربية وجهين لعملة واحدة لا يمكن فصلهما، والسبب واضح للعيان، فهل نستطيع مثلا أن نجعل القرآن العربي صفويا أو عثمانيا؟ وهل نستطيع أن نجعل الرسول غير عربي؟ وهل نستطيع أن نقول إن آل البيت الذين نصلي عليهم بصلواتنا والصحابة الكرام - والعياذ بالله صفويون أو عثمانيون؟ لا يمكن أبدا لأن هويتنا إسلامية عربية. 
بالمقابل، لا يمكن أن نجعل القرآن العربي قرآنا عثمانيا أو صفويا، وهذا ما يقلق هؤلاء، كونهم وفي داخل أنفسهم يؤمنون بأن هناك نوعا من التبعية لهؤلاء العرب، وإن ادعوا غير ذلك علنا، ولا يمكن أن يقول هؤلاء إن النبي العربي من أصول صفوية أو عثمانية، وهذا ما يغيظهم لأنهم يشعرون أن العرب أكرمهم الله بنبي عربي رسولا للبشرية ولم يختر منهم نبيا.
لهذا يحاولون صناعة رموز منهم لطمس عربية الصحابة والخلافة الراشدة، فصنع العثمانيون محمد الفاتح ونصبوه أعظم قائد إسلامي وسوقوا سلاطينهم من أجل صناعة تاريخ جديد يلغي ويطمس التاريخ العربي الإسلامي وتاريخ آل البيت والصحابة، وصنع الصفويون أيضا أشخاصا وسوقوهم على أنهم رموز إسلامية لضرب تاريخ آل البيت والصحابة، ونلاحظ الآن تمجيد بعض فاقدي الهوية العربية الإسلامية العثمانيين والصفويين أكثر من الصحابة وآل البيت أضعافا مضاعفة، لهذا.. فهؤلاء الشعوبيون يتسترون بشعارات الوحدة الإسلامية والهوية الإسلامية من أجل هويتهم العرقية وتسويقها وتسويق تاريخهم العرقي.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .