+A
A-

صانعو السيارات يواجهون صدمة كهربائية في الصين

تخلف ملوك عصر الاحتراق الداخلي مثل جنرال موتورز وفولكسفاغن عن سباق اللاعبين في الصناعة المزدهرة للسيارات النظيفة في الصين، وهي دولة أساسية لتمويل وتطوير طموحاتهم الكهربائية وذاتية القيادة.

وشكلت التقنيات الأنظف 23 في المئة من سوق سيارات الركاب في الصين، حيث انخفضت مبيعات السيارات الإجمالية بنسبة 12 في المئة، مما يعكس تراجعا حادا في الطلب على سيارات البنزين.

ووفقا لبيانات جمعية سيارات الركاب الصينية لا توجد علامات أجنبية من بين أكبر 10 شركات تصنع مركبات نظيفة هذا العام، مع استثناء ملحوظ لتسلا في المركز الثالث. وكل ما تبقى يضم علامات صينية، من أبرزها بي.واي.دي وفولينغ وشيري وإكس بينغ.

وفي إشارة إلى حجم التحدي الذي يواجه صانعي السيارات التقليديين، قال ماكوتو أوشيدا الرئيس التنفيذي لشركة نيسان لرويترز إن بعض العلامات التجارية “قد تختفي في غضون ثلاث إلى خمس سنوات” في الصين.

وأكد أوشيدا، الذي كان يشغل سابقا منصب رئيس نيسان في الصين أن “العلامات التجارية المحلية تزداد قوة”، مضيفا أن “جودة السيارات الكهربائية من صانعي السيارات الصينيين قد تحسنت بسرعة، مع إحراز تقدم في غضون أشهر”.

ويرى أنه سيكون هناك الكثير من التحول في الصين. وقال “نحن بحاجة إلى مراقبة الموقف بعناية كما يتعين على الشركات أن تكون ذكية في تصميم وتطوير وإطلاق نماذج جديدة ففي هذه الجوانب، إذا كنا بطيئين، سوف نتخلف عن الركب”.

وسيطرت العلامات التجارية العالمية على الصين منذ تسعينات القرن الماضي، حيث فازت عادة بحصة كبيرة لكنها تضاءلت اليوم بفعل التكنولوجيا المتطورة التي طوعتها الشركات الصينية لنشر أساطيل من المركبات المفعمة بكل مزايا الابتكار والتطور.

وتبدو العلامات الأجنبية بعيدة بعض الشيء عن نمط ابتكار السيارات الصينية التي يتولى المساعد الرقمي الاتصال بتطبيقات مثل علي بابا وتاو باو، إذ أن مالكها يفعل كل شيء من فتح النوافذ إلى تشغيل الموسيقى.

وعلى سبيل المثال، فشلت بويك فيليت 7 أو هوية فولكسفاغن في توفير ما يبحث عنه المولعون بالسيارات النظيفة والتي تكون قادرة على منحهم الراحة المتمثلة في الحصول على تجربة تشبه امتلاك هاتف ذكي مليء بالتطبيقات.

ويعتقد بيل روسو المدير التنفيذي السابق لشركة كرايسلر أن العلامات التجارية العالمية بحاجة إلى تغيير الوضع سريعا لأنها تسيطر على أقل من 20 في المئة من سوق السيارات الوحيد في الصين.

وقال روسو الذي يرأس الآن شركة أوتوموبوليتي الاستشارية ومقرها في شنغهاي إن “العلامات الصينية تفوز بالسباق نحو السيارات الكهربائية”.

وأوضح أن تحول المستهلكين إلى السيارات التي هي في الأساس هواتف ذكية على أربع عجلات بدا أمرا لا رجوع فيه وأن شركات صناعة السيارات التقليدية كانت تواجه مشكلة في مواكبة ذلك.

ويتمحور طلب المستهلكين على تجربة خدمات رقمية تخدمهم مع التركيز على الواجهة والاتصال والتطبيقات. ويعتقد روسو أنه تحول علماني نحو التكنولوجيا المتقدمة فالشركات التقليدية ليست من مواطني التكنولوجيا الفائقة.

وقادت العلامات التجارية لفولكسفاغن، بما في ذلك أودي وبنتلي ولامبورغيني وبورشه وسكودا، السوق لمعظم العقدين الماضيين، جنبًا إلى جنب مع جنرال موتورز ماركيز مثل بويك وشيفروليه وكاديلاك.

وتشارك المجموعة الأميركية العملاقة في مشروع مع شركة ولينغ أوتو الذي يتم التحكم فيه محليا. وتركز الآن على كسب المشترين الأصغر سنا في المدن الكبيرة التي كانت حتى الآن تتجاهل طرازاتها إلى حد كبير.

وأعلنت المجموعة عن خطط للكهرباء لإنفاق أكثر من 35 مليار دولار على مستوى العالم بحلول 2025، بما في ذلك أكثر من 30 مركبة كهربائية جديدة، أكثر من 20 منها في الصين، ابتداءً من هذا العام بإطلاق كاديلاك ليريك كروس أوفر الكهربائية بالكامل.

وقال مصدران مطلعان إنه سيتم إطلاق كاديلاك ليريك وسيتبعه طراز بويك أس.يو.في كهربائية وكروس أوفر كهربائية أصغر ورياضية، وكلاهما مخطط أيضا في وقت مبكر من هذا العام.

ولاستهداف الصين، تدرس جنرال موتورز نشر تقنيات ذكية بما في ذلك مساعدة السائق من دون استخدام اليدين على الطرق السريعة، والأمن السيبراني على مستوى الطيار الآلي وتحديثات البرامج عبر الهواء.

وأوضح شتيفان براتزل، مدير مركز إدارة السيارات في ألمانيا (سي.أي.أم) أن الصين لا تزال أهم سوق للسيارات في العالم، ولذلك يمكن للعلامات التجارية المتألقة هناك أن تنجح في الأسواق العالمية.

ونسبت وكالة الأنباء الألمانية إلى براتزل قوله “لذلك لا يجب الاستهانة بالشركات الصينية مثل جريت وول موتورز، والعلامات التجارية التابعة لها مثل أورا ووي، ويسري ذلك أيضا على شركات بي.واي.دي وجيلي وسايك وبي.أي.آي.سي”.

ولا يعد اقتحام شركات السيارات غير المعروفة لأسواق السيارات العالمية اتجاها جديدا، ولكنها تعتبر بمثابة موجة ثانية بعد الموجة الأولى، التي حدثت قبل 10 أعوام، عندما ظهرت علامات مثل لاند ويند وبرو وورد وبايتون ثم اختفت هذه الأسماء مرة أخرى.

ويعتقد براتزل أن الموجة الجديدة ستكون أكثر نجاحا لأن بعض الشركات تقدم ابتكارات جديدة وقيمة مضافة، كما أنها تقف على قدم المساواة مع شركات السيارات العالمية.

ويرى أنه يمكن للعلامات التجارية الجديدة أن تفكك الهياكل التقليدية وتصبح أصغر حجما، وهذا يعني خلق تجربة تسوق رقمية قدر المستطاع والدخول في تعاون مع الشركاء الموثوقين.

وبدلا من شبكة الوكلاء والموزعين الكبيرة يمكن للعلامات التجارية الجديدة البحث عن الشركاء، الذين يمكنهم توفير تجارب القيادة وأعمال الخدمة والصيانة والإصلاحات، علاوة على إمكانية إجراء الصيانة في موقع العميل مباشرة بواسطة سيارات الخدمة.

لكن تنفيذ هذه الأفكار لن يتم بين عشية وضحاها، إذ يجب أن تكتسب العلامات التجارية الجديدة ثقة العملاء أولا في السيارات الجديدة والخدمة السلسة والشبكة الكبيرة، وقد يستغرق هذا الأمر سنوات، إن لم يصل إلى عقد من الزمن.​