العدد 4980
الجمعة 03 يونيو 2022
banner
توماس بِين.. من فاشل إلى أعظم صحافي وسياسي
الجمعة 03 يونيو 2022

في قاموس العظماء لا توجد كلمة الفشل، ومن يقرأ سيرة الصحافي والمفكر والسياسي توماس بين، “إنجليزي المولد وأميركي الجنسية”، سيذهل من طريقة تحوله من ضائع فاشل متشرد، إلى أكبر شخصيات التاريخ الأميركي، وأكبر زعيم سياسي وأعظم صحافي يفهم الصحافة على أنها رسالة التثقيف والتوجيه الاجتماعي، والنقد العاصف البناء معا.
بدأ حياته بمرارة الفقر المدقع والحرمان، وكان والده من طائفة العمال الكادحين، وفي آخر مرحلة التعليم البسيطة تفتحت ملكات توماس وظهر ميله إلى كل ما يثير في ذهنه مشكلة التفكير، وبعد الدراسة التحق بالورشة التي يعمل فيها والده ليتعلم صنعته، وقضى سنوات شاقة مرهقة بالنسبة لغلام طري العود في مثل سنه، وذات يوم هرب من جحيم الورشة وعمل كمأمور ضرائب، ثم احترف مهنة التعليم في الأرياف، لكنه استطاع أن ينظم حياته الجديدة نوعا ما، وتزوج في عام 1771.
وهنا لعب القدر لعبته، حيث تعرف على بنجامين فرانكلين الذي كان مندوبا للمستعمرات الإنجليزية لدى البلاط الإنجليزي، وقد اكتشف فرانكلين في الشريد الجائع عبقرية يندر وجودها، وظل يغريه بمحاولة تجربة الحظ وقرع أبوابه مرة جديدة لكن في عالم جديد.. في أميركا، وفي أواخر عام 1774 وصل توماس بين فيلادلفيا، وكان قد اختزن في رأسه وبين حنايا صدره كل تجارب الحياة تقريبا. قرأ لفولتير وروسو وأعجب بهما كثيرا، وأدار في ذهنه اللماح الخصيب أفكار الحرية ومعاني المساواة في الفرص لتحقيق المجتمع المتجانس، وكان توماس مثل فولتير، إنسانا مهموما بحب الإنسانية، إنسانا هزه الشقاء البشري من أعمق أعماقه فنفض على السطح كل رواسب سخطه الفائر، ومعه عبقريته الكامنة التي صنعت لنفسها فهما فلسفيا جديدا للحرية والقانون.
ولم تنقض أشهر على إقامته في فيلادلفيا حتى ذاعت نظرياته وأفكاره، وصال قلمه وجال، وتجلت موهبته المتوقدة كصحافي نابغة، وقائد من قادة الرأي العام وأصدر كتبا تحمل أفكاره العظيمة مازالت تدرس في كل زمان ومكان.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية