العدد 4976
الإثنين 30 مايو 2022
banner
مواقف إدارية أحمد البحر
أحمد البحر
المُلح والمهم
الإثنين 30 مايو 2022

يحكى أن عاملا في أحد المصانع كان يخرج في نهاية الدوام بعربة يدوية وبداخل هذه العربة صندوق. تكرار هذا المشهد ولّد الشك والريبة لدى مسؤولي الأمن في المصنع، الأمر الذي جعلهم يطلبون من هذا العامل فتح ذلك الصندوق للتأكد من محتواه. وفعلًا هذا ما حدث، فقد تم فتح الصندوق المثير للشك ولكنهم لم يجدوا بداخله إلا بعض المخلفات التي يتم التخلص منها عادة.

تكررت هذه العملية من قبل مسؤولي الأمن، أصبحوا يتفحصون محتوى الصندوق الذي كان في العربة ولا شيء غير ذلك. كان ذلك الصندوق محل تركيزهم وجُل اهتمامهم.

بعد فترة من تركه العمل سئل ذلك العامل ماذا كان يفعل بتلك المخلفات التي كان ينقلها داخل الصندوق، فأجاب أن الصندوق ومحتواه كانا وسيلة التمويه وقد نجحت في أن أجعله في بؤرة اهتمام مسؤولي الأمن. لم يسألني أحد منهم عن العربة التي كنت أخرج بها وأعود للعمل من دونها.

أستذكر في سياق ذاك الموقف مقولة لعالم الإدارة ستيف كوفي إذ يقول "أغلبنا يقضي الكثير من الوقت فيما هو مُلح ولكننا لا نقضي الوقت الكافي فيما هو مهم".

فما كان مُلحًا في ذاك الموقف بالنسبة لمسؤول الأمن ويستدعي التعامل معه في حينه هو التعرف أو الكشف عمّا كان يحتويه ذلك الجسم غير المألوف في العربة وهو الصندوق وليس العربة. فوجود العربة لدى العامل ربما كان شيئا مألوفًا لا يستدعي الاهتمام والتركيز. لذا لم يحرك المسؤول مؤشر اهتمامه صوب العربة ويسأل نفسه: هل أعاد العامل تلك العربة أم لا؟

ربما يمكننا سيدي القارئ أن نسقط ذلك الموقف على العمل الإداري ونقول: عندما نتعامل مع ملاحظات وشكاوى وربما تذمر العملاء تجاه أسلوب تقديم خدمة معينة هل نكتفي بمراجعة الإجراءات المتبعة في تقديم تلك الخدمة فقط؟ هل نركز على الإجراءات فقط كأمر مُلح أم هناك أمور أخرى تعتبر أهم من ذلك؟

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .