كل عام في شهر رمضان الفضيل تزدحم الفضائيات العربية بألوان من الفنون والدراما التي يكون لها ما لها وعليها ما عليها، لكن ما أزعجنا هذا العام وفي الأعوام السابقة هو برنامج رامز جلال، ذلك البرنامج الذي لم نستطع أن نهضمه أو نستمتع به بأي شكل من الأشكال.
لقد تعلمنا أن الفن بشكل عام إما أن يقدم لك درسا، أو يعلمك فضيلة ما، أو أن يحقق لك المتعة والتسلية والترفيه ويخفف عنك أعباء الحياة، لكن هذا البرنامج لم يقدم لا هذا ولا ذاك، فهو فن شاذ، إذا جاز لنا أن نسميه فنا من الأساس.
فإذا قيمناه من ناحية المنفعة أو الدرس المستفاد فلن نجد شيئا، وإذا قيمناه من ناحية تحقيق المتعة أو التسلية للمشاهد فلا نجد شيئا أيضا! فما هي المتعة التي تتحقق من استضافة الناس وتعريضهم لمقلب، ووضعهم في حالة رعب غير عادية لا ينتج عنها أي شيء سوى إضحاك مقدم البرنامج نفسه.
وهناك أسئلة أخرى لابد أن نسألها هنا، من بينها: لماذا يوافق الضيوف على حضور مثل هذا الإسفاف وهم يعلمون سلفا أنهم سيتعرضون لمقلب غير آدمي لا يحترم إنسانيتهم؟ هل يأتون من أجل المال على الرغم من أنهم في الغالب من نجوم الفن والرياضة وغيرها ممن لا يحتاجون إلى مزيد من المال؟ لكن السؤال الأهم هنا: لماذا تنفق ملايين الدولارات على برنامج لا يفيد ولا يمتع، بل يسيء للفن ويدمر صورته؟
ربما يجيب أحد على أسئلتي بأن المسألة هي السعي لتحقيق الكسب وأن هناك جماهير كثيرة تتابع مثل هذا الإسفاف، وأنا أقول إن صح ذلك فنحن في مصيبة كبرى، لأن أكثر شيء يدعو للإحباط هو أن تكون لهذا الهراء جماهير تتابعه وتنتظره.