+A
A-

سكان أحياء فقيرة في الهند يعانون جحيم جبل نفايات مشتعل

منذ وقت طويل، اعتاد برامود وهو أحد سكان حيّ فقير محاذٍ لبهالاسوا حيث مكبّ نفايات لنيودلهي، على الرائحة الكريهة والغازات السامة ودرجات الحرارة المرتفعة ولامبالاة السلطات لكنّه لم يتوقع يومًا أن يعيش الجحيم الذي نجم هذا الأسبوع عن احتراق جبل القمامة.

 

يروي برامود (35 عامًا) لوكالة فرانس برس من شارع قذر مجاور لبهالاسوا في شمال دلهي، أن "الحريق على بُعد مئات الأمتار من منزلي، هائل إلى درجة أنني اعتقدتُ أن جلدنا يحترق حرفيًا".

ويقول "رأيتُ الكثير من الأمور في حياتي، لكن أمام المكبّ المشتعل، شعرتُ بالرعب" مضيفًا "لم أرَ مثل هذه الحرائق إلا في الأخبار على التلفزيون".

حوّل الحريق الكارثي الذي اندلع مساء الثلاثاء، بسرعة جبل القمامة الضخم الذي يبلغ ارتفاعه 60 مترًا، إلى جحيم حقيقي، مضيئًا السماء في الليل وباعثًا دخانًا أسود كثيفًا.

ويشير لالو ماثيو منسّق مشروع مؤسسة "ديبتي" لتعليم الأطفال في الحيّ، في حديث لفرانس برس، إلى أن نوافذ المبنى ذابت حرفيًا.

ويوضح أن في الأوقات العادية " تدخل كميات كبيرة من الملوثات إلى الصفوف" مضيفًا "ليس صحيًا للأطفال أن يمضوا وقتًا هنا".

- "الحكومة لا تفعل شيئًا" -

حول بهالاسوا، يعيش آلاف الأشخاص هم أفقر الفقراء، فرّوا من البؤس في المناطق الريفية إلى مدن كبيرة بحثًا عن فرص عمل. تكسب عائلات لقمة عيشها من خلال البحث في مكبّ النفايات على أمل العثور فيها على أغراض يمكن بيعها مقابل مبالغ زهيدة.

تقول زارينا خاتون (31 عامًا)  التي تعمل في مدرسة قريبة من المكبّ "كل أفراد عائلتي تقريبًا يعانون من مشاكل ربو أو صعوبات تنفسية"، مضيفةً "لا شيء يتغيّر بالنسبة إلينا".

من جانبها، تؤكد رينا وهي تاجرة تعيش قرب بهالاسوا، أن "كل عام، يشتعل المكبّ والحكومة لا تفعل شيئًا".

واندلعت ثلاثة حرائق أخرى في أقلّ من شهر في أكبر مكبّ في العاصمة هو مطمر غازيبور الذي يبلغ ارتفاعه 65 مترًا.

يقول الرئيس السابق لهيئة إدارة النفايات في دلهي براديب كهانديلوال إن هذه الحرائق تسببها على الأرجح درجات حرارة قياسية تقارب حاليًا 46 درجة مئوية ما يسرّع تحلل النفايات العضوية.

ويشرح لفرانس برس أن "الطقس الجاف والحارّ ينتج كمية زائدة من غاز الميثان في مواقع المكبات ما يتسبب بمثل هذه الحرائق".

- "لا مكان آخر للذهاب إليه" -

منذ آذار/مارس، تشهد المدينة درجات حرارة أعلى من معدّلاتها السنوية. وقد سجّلت دلهي درجة حرارة قصوى بلغت 40,1 درجة مئوية في آذار/مارس، وهو أعلى مستوى حرارة يُسجّل في هذا الشهر في العاصمة منذ 1946.

يؤكّد العلماء أن بسبب التغيّر المناخي، باتت موجات الحرّ أكثر تواترًا وأكثر شدةً أيضًا.

تفتقر دلهي التي يتجاوز عدد سكانها العشرين مليونًا، للبنى التحتية الحديثة لمعالجة 12 ألف طنّ من النفايات تنتجها يوميًا.

بحسب خبراء التخطيط المدني، فإن الوضع في بهالاسوا يعكس مشاكل تواجهها مناطق في كلّ أنحاء الهند، حيث وتيرة تطوّر البنى التحتية أبطأ من تلك التي شهدتها المدن.

الطموحات والوعود الانتخابية التي يطلقها السياسيون لا تعني شيئًا لعدد من الهنود الذين اعتادوا على عدم تحقيق أي من المشاريع المفيدة التي يتمّ الإعلان عنها، خصوصًا بشأن بهالاسوا.

جالسًا بين الأبقار والخنازير والكلاب الضالة قرب المكبّ وقناة مليئة بالبراز، يقول سونو كومار (30 عامًا) وهو بائع بيض، إن "الحكومات لا تهتمّ"، مضيفًا أن "كل أولئك الذين يعيشون هنا ليس لديهم مكان آخر للذهاب إليه".