العدد 4893
الثلاثاء 08 مارس 2022
banner
المرأة البحرينية تحدٍّ وشموخ
الثلاثاء 08 مارس 2022

عاشت المرأة البحرينية ظروفًا صعبة عبر تاريخها، إلا أنها تحدّت جميع الصعاب لتبقى شامخة. فقد كانت المرأة البحرينية حتى العقود الأولى من القرن العشرين تعيش ظروفًا صعبة، وانحصر دورها في تدبير شئون المنزل وتربية الأطفال. وساهمت العادات والتقاليد الاجتماعية في تلك الحقبة على تخلف المرأة وإبعادها عن جميع الأنشطة، وأصبحت حبيسة منزلها لا تغادره إلا للذهاب لجلب الماء من العيون الطبيعية والغدران والسواقي، أو للذهاب إلى المزارع لمساعدة زوجها في جمع مخلفات النخلة لاستخدام ذلك للوقود.

بقيت المرأة البحرينية على الرغم من تلك الظروف الصعبة شامخة كشموخ النخلة، وكانت تتطلع إلى المستقبل بروح من الأمل والتفاؤل. فقد كسرت المرأة البحرينية بعزيمتها كل التقاليد المفروضة عليها في العام 1928 عندما تم افتتاح أول مدرسة للبنات في مدينة المحرق، التي امتلأت بالطالبات بشكل أدهش جميع أبناء المجتمع البحريني آنذاك. وحدث الشيء ذاته عندما افتتحت أول مدرسة للبنات في المنامة العاصمة 1929، حيث شهدت المدرسة ازدحامًا شديدًا، الأمر الذي حتّم على المسئولين عن التعليم في البحرين افتتاح المزيد من المدارس في مدن البحرين وقراها. وكان الفضل يرجع في ذلك إلى حاكم البحرين المستنير الشيخ عيسى بن علي آل خليفة وولي عهده الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة الذي عيّن الشيخ عبدالله بن عيسى آل خليفة في العام 1930م وزيرًا للمعارف من أجل نشر المدارس للبنين والبنات في جميع مناطق البحرين.

تغير نمط حياة المرأة البحرينية بعد تخرجها من المدارس الابتدائية وكذلك المدارس الثانوية في خمسينات القرن العشرين، الذي شهد انخراط المرأة البحرينية في الحياة الاجتماعية والتعليمية والأدبية والثقافية. وتؤكد المصادر المتوافرة لدينا، أن عقد الخمسينات من القرن العشرين شهد تأسيس أول نادٍ للسيدات في العام 1953، ويعد أول نادٍ من نوعه في المنطقة الخليجية. كما تأسست في العام 1955 أول جمعية نسائية تم إشهارها، وهي جمعية نهضة فتاة البحرين.

كان للمرأة البحرينية ودورها ‏المشرف في المساهمة بالكتابة في الصحافة في وقت مبكر جدًّا وإن كانت مشاركتها بشكل خجول. ففي أربعينات القرن العشرين بدأت المرأة البحرينية تكتب مقالاتها في “جريدة البحرين” لصاحبها عبدالله الزايد. ونظرًا لما تعيشه المرأة البحرينية في تلك الفترة بالذات من صعوبات اجتماعية، فقد اكتفت المرأة البحرينية بذكر حرف أو حرفين من اسمها.

ساهمت المرأة البحرينية في الكتابة في صحافة الخمسينات مستخدمة أسماء مستعارة أيضًا، واستمر هذا الوضع حتى بداية عقد الستينات من القرن العشرين حينها أخذت تنشر مقالاتها مع ذكر اسمها الحقيقي. كما شهد عقد السبعينات مشاركة المرأة في تأليف وإصدار الكتب. فقد صدر أول كتاب لها في العام 1973، وكان إصدارًا موفّقًا لأنه تناول تاريخ البحرين (البحرين 1783-1973م) وهو الكتاب الذي أصدرته الدكتورة أمل الزياني.

غطت المرأة البحرينية بقلمها اعتبارًا من عقد الثمانينات من القرن العشرين وحتى عشرينات القرن الحالي موضوعات مختلفة في الأدب والتاريخ والثقافة وغيرها، بلغ عددها حتى يومنا هذا زهاء 800 عنوان كتاب.

‏أصبحت المرأة البحرينية في عهد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى في ظل مشروعه الإصلاحي ندًّا للرجل في جميع مجالات الحياة. وحققت بفضل جهودها وطموحاتها مكاسب كثيرة في جميع الوظائف على اختلافها... فأصبحت المرأة البحرينية اليوم وزيرة، وعضو مجلس الشورى، وعضو مجلس النواب، وطبيبة ومهندسة، ومحامية وقاضية، وعاملة إلى غير ذلك من المهن.

كما حصلت المرأة البحرينية وفق المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المفدى على كامل حقوقها بما في ذلك حق الترشيح والترشح في الانتخابات البلدية، ومجلس النواب. وأخذت المشاركة العادلة والمتكافئة للمرأة البحرينية ‏بُعدًا جديدًا، لتصبح في إطاره مواطنًا كامل الأهلية في بناء نهضة البحرين.

وبتولّي صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة جلالة الملك مسؤولية الملف النسائي في المملكة في إطار المشروع الإصلاحي، تشكل الحراك الرسمي للمرأة البحرينية بصورته الفاعلة.

نالت المرأة البحرينية جميع حقوقها من خلال مبادرة جلالة الملك المفدى المتمثلة في إصدار أمر إنشاء المجلس الأعلى للمرأة، لتأكيد النهج الحكيم والرؤيه ‏الثاقبة ‏لجلالته، كما تؤكد المكانة الكبيرة التي يوليها جلالته للمرأة البحرينية لتكون عنصرًا فاعلًا في إنجاح المشروع الإصلاحي لبناء دولة عصرية متقدمة يساهم فيها جميع أبناء البحرين بمختلف فئاته.

اكتسب المجلس الأعلى للمرأة مكانة رفيعة بإناطة رئاسته لصاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة جلالة الملك، لما عرف عنها من اهتمامها الكبير بدور المرأة البحرينية، وفهمها العميق لقضاياها. وبهذا يساهم المجلس الأعلى للمرأة بشكل واضح في زيادة فاعلية الحركة النسوية في المملكة، ‏وهو تطور يعمل على تمكينها باعتبارها ثروة بشرية لا غنى عنها في بناء مجتمع واعٍ.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .