العدد 4840
الجمعة 14 يناير 2022
banner
ما وراء الحقيقة د. طارق آل شيخان الشمري
د. طارق آل شيخان الشمري
النظرية السياسية الأميركية
الجمعة 14 يناير 2022

في عالم السياسة وتحقيق المصالح هناك عدة أساليب تستخدمها الدول لتحقيق مصالحها، فالصين تستخدم سياسة التعاون العسكري مع الدول وعقد الاتفاقيات معها، وروسيا تستخدم التعاون العسكري تارة والقوة العسكرية تارة أخرى، كما حدث بالتدخل الروسي بسوريا، أما النظرية السياسية الأميركية فتستخدم سياسة إطفاء الحرائق لتحقيق مصلحتها، بمعنى أنها لا تستخدم القوة العسكرية بحد ذاتها، لكنها تتدخل عسكريا لإطفاء وإخماد ما تسميه الخطر الذي يهدد الأمن القومي الأميركي، أو أحيانا تستخدم مصطلح الأمن العالمي.
ولاختصار الشرح سنضرب عدة أمثلة على سياسة إخماد الحرائق، ولعل أول مثال هو تدخل الولايات المتحدة بالحرب العالمية الثانية وإنهاؤها هذه الحرب أو هذا الحريق العالمي، وقد حققت واشنطن بعد إطفائها هذا الحريق مصلحتها بكونها الدولة الأعظم بالعالم، بعد ذلك قامت واشنطن بإطفاء حريق تايوان والصين، وأعلنت مساندتها تايوان سياسيا وعسكريا، وأصبحت تايوان الخط الأمامي لواشنطن أمام الصين، وكذلك الأمر مع إطفاء حريق الكوريتين ومساندة وتدخل واشنطن بكوريا الجنوبية ضد الشمالية، والأمر نفسه حدث مع فيتنام حينما تدخلت لإطفاء حريق الشيوعيين ومنع سيطرتهم على فيتنام.
أيضا فإن احتلال أفغانستان، بسبب أحداث 11 سبتمبر، ليس من أجل الاحتلال نفسه، فكان لإطفاء حريق طالبان والقاعدة وأسامة بن لادن، وهم كما نعرف كانوا يعملون سابقا مع واشنطن لطرد السوفييت من كابول، كذلك الأمر مع احتلال العراق الذي كان لإطفاء نار أسلحة الدمار الشامل التي كان يمتلكها صدام حسين، حسب تقارير الاستخبارات الأميركية، والتي اتضح لاحقا عدم صدقيتها باعتراف الأميركيين أنفسهم، ونحن نستعرض هنا فقط أسلوب واشنطن السياسي وليس كشف زيف التقارير.
وحاليا تسعى واشنطن لاستخدام نظرية إطفاء الحرائق مع أوكرانيا وحشد الأوروبيين للتصدي للاحتلال الروسي لكييف كما يدعي الأوروبيون وواشنطن. إذا السياسة الأميركية لا تستخدم أسلوب التعاون الاقتصادي كالصين، ولا تستخدم المزج بين التعاون الاقتصادي تارة والقوة العسكرية كما هو أسلوب موسكو السياسي.. هي تراقب ما تقوم به الدول الأخرى من أحداث، ثم لاحقا تستخدم تلك الأحداث كمسوغ لها لاستخدام أسلوب إطفاء الحرائق والتدخل لاحقا.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .